تستمر ميليشيا الحوثي، حتى خلال أيام عيد الأضحى المبارك، في مفاقمة الأوضاع الإنسانية لليمنيين في مناطق سيطرتها واستخدامهم كورقة لابتزاز الحكومة الشرعية، عبر نهج متكامل تعمل عليه منذ خسارتها الكبيرة في معارك الساحل الغربي ووصول قوات الشرعية إلى وسط مدينة الحديدة، حيث عمدت إلى الانقلاب على اتفاق استيراد المشتقات النفطية ثم أعقبته بإغلاق طرق التجارة الرئيسية التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتها.
ووفق مصادر في الغرفة التجارية تحدثت إلى «البيان»، فإن مبالغ التأمين الكبيرة المفروضة على السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة والجبايات التي تفرضها الميليشيا، جعلت أغلب المستورين يغيّرون اتجاه وصول بضائعهم إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، لكن الميليشيا التي خسرت بهذا القرار المبالغ التي كان يتم تحصيلها كرسوم جمركية وضريبية مبيعات، ردت وافتعلت معارك على الطرق التي تربط ميناء عدن تحديداً مع مناطق سيطرتها وأغلقت الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة الضالع بمحافظة إب، ما تسبب في إجبار ناقلات البضائع على المرور عبر طرق فرعية التفافية مكلفة وبعيدة.
ويرى التجار أن إغلاق طريق الضالع أب المؤدي إلى صنعاء، وإغلاق طريق الحوبان الشريجة المؤدي إلى تعز أرغم الناقلات على البحث عن طرق أخرى، حيث تمر الآن عبر منطقة يافع مع أنها طريق ريفية ضيقة لا تتحمل مرور الناقلات الكبيرة التي سببت انهيارات كبيرة في طبقة الأسفلت. كما أن المسافة ضعف المسافة عند مرورها بمحافظة الضالع، حيث تصل هذه الناقلات إلى جنوب محافظة البيضاء، وتخترق وسط المحافظة حتى محافظة ذمار كي تصل إلى صنعاء، كما أن البعض اختار المرور عبر الطريق الساحلي إلى مديرية حيس، ومن ثم الدخول إلى محافظة أب وهي طريق طويلة وتعاني من تآكل طبقة الأسفلت.
وحسب ما ذكره رجل الأعمال، فإن كل المحاولات والاتفاقات التي سعت الغرفة التجارية لإبرامها بين الحكومة وميليشيا الحوثي لإعادة فتح طريق الضالع أب فشلت بسبب تراجع الميليشيا في اللحظات الأخيرة بعد إبرام أكثر من اتفاق وقيام الشرعية بفتح الطريق من الجهة الخاضعة لسيطرتها، وقال أحد المشاركين في هذه المحادثات: «من الواضح أنهم يريدون عودة التجار للاستيراد عبر ميناء الحديدة لتحصيل الجمارك والضرائب والجبايات التي توفر لهم مصدر تمويل للحرب، ولهذا يرفضون كل مقترحات فتح الطرقات».
وأوردت مصادر أخرى في الغرفة التجارية والصناعية أن الميليشيا ضاعفت من المضايقات التي تتعرض لها الناقلات عند دخولها مناطق سيطرة الميليشيا، حيث استحدثت منافذ جمركية في محافظات أب والبيضاء وذمار تقوم من خلالها بابتزاز التجار بإعادة فرز البضائع في هذه المنافذ بحجة التأكد من سلامة إجراءات دفع الرسوم الجمركية واستيفاء الناقص منها، وتخيرهم بين ذلك أو دفع مبالغ مقطوعة عن كل ناقلة من أجل تجنب الحجز والتأخير لعدة أيام.
وبشأن استيراد المشتقات النفطية ذكرت هذه المصادر أن تجار الميليشيا هم الوحيدون الذين يستوردون عبر ميناء الحديدة، حيث يحتكر قادة الميليشيا هذه التجارة، وأن بعض التجار الذين حاولوا استيراد الوقود عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الشرعية لم يتمكنوا من إدخالها إلى مناطق سيطرة الحوثي، حيث تم احتجاز المئات من ناقلات الوقود في المنافذ الجمركية وخير مستوردوها بين إعادتها إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أن يبيعوها بأسعار متدنية لتجار الميليشيا الذين يقومون ببيع هذه الكميات بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.
وجزم وسطاء وتجار، أن الميليشيا تريد استعادة مصدر مهم وكبير لتمويل ما يسمى مجهودها الحربي ولهذا تفتعل العراقيل وتختلق مواجهات في مواقع انسياب البضائع والوقود إلى مناطق سيطرتها حتى تتفاقم الأوضاع الإنسانية أكبر مما هي عليه بسبب الحرب، ومن ثم تستخدمها كورقة سياسية لابتزاز الشرعية والتحالف، كما تبين بوضوح خلال الجهود الإقليمية والدولية الأخيرة لإقناعها بالقبول باتفاق شامل لوقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية المصاحبة لذلك.