بأصوات أكثريّة نيابيّة، بلغت الـ72 صوتاً من أصوات مجلس النوّاب، المؤلّف من 118 نائباً بدل 128 بفعل الشغور، اعتلى الرئيس نجيب ميقاتي سدّة الرئاسة الثالثة في لبنان تكليفاً، أمس، والمرة الثالثة (2005 و2011)، متسلّماً راية التأليف بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن عموم نادي رؤساء الحكومات السابقين.

استشارات

وكانت الاستشارات النيابيّة المُلزمة التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، انتهت بإعلان تكليف ميقاتي بأكثريّة مطلقة، تجاوزت أكثريّة الـ65 مؤيّداً التي كانت كلّفت الحريري تشكيل الحكومة في 22 أكتوبر من العام الفائت، لتبدأ مرحلة التأليف التي لن تكون غاية في السهولة. ذلك أنّه، ومن مساء أمس، يواجه ميقاتي تحدّي صوغ حكومة إنقاذ وطني تتجاوز، بتركيبتها الاصطفافات السابقة لتلامس التحديات المصيريّة التي تواجه اللبنانيين.

وهكذا، بدأ ميقاتي رحلة «الألف ميل» بخطوة أولى، معلوم كيف بدأت من قصر بعبدا، ولكنْ لا يُعرف إنْ كانت ستنتهي به في السراي الكبير، ولا سيّما أنّ عمليّة تعبيد الطريق أمام تسميته اقتصرت على منحه «الضوء الأخضر» من العهد وتيّاره لعبور جادة التكليف، مع إبقاء إذْن «تسهيل المرور» نحو التأليف رهناً بمدى تجاوبه مع «دفتر شروط» العهد وتيّاره.

وانعقدت الاستشارات النيابيّة المُلزِمة، الثالثة على التوالي في أقلّ من عام، أمس، بعد ‏إجهاض تكليف السفير مصطفى أديب وإسقاط تكليف الرئيس سعد الحريري، وأفضت في محصّلتها إلى تسمية ميقاتي رئيساً مكلّفاً بأكثريّة نيابيّة وازنة.

وبعد 9 أشهر من المراوحة، أبدى ميقاتي حرصه ‏على خوْض غمار التجربة بأقصر فترة ممكنة، واضعاً لنفسه سقفاً زمنيّاً فاصلاً بين التأليف ‏والاعتذار. ومع انضواء أغلبيّة الكتل النيابيّة تحت لواء تكليف ميقاتي، بقيت كتلة «الجمهوريّة القوية» (حزب «القوات اللبنانيّة») ‏خارج كواليس التكليف والتأليف، مفضّلة النأي بنفسها عن اللعبة الحكوميّة.

محطة استثنائية

وهكذا، شهد لبنان أمس محطّة استثنائية، اتسمت بمفارقتيْن: الأولى أنّ الغالبيّة النيابيّة سمّت ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، في تكليف هو الثالث في أقلّ من سنة، بعد استقالة حكومة الرئيس حسّان ‏دياب، إذْ كُلّف تباعاً كلّ من السفير مصطفى أديب واعتذر بعد أسبوعين، ثم كُلِّف ‏سعد الحريري واعتذر بعد نحو تسعة أشهر، فيما ميقاتي بات أمام تجربة تكليف ‏جديدة، لا يمكن الجزم معها مسبقاً بحظوظ اختراقه «قدر التعطيل» الذي نصبه العهد وتيّاره ‏في مواجهة الحريري .أمّا المفارقة الثانية، فتمثلت بأنّ تكليف ميقاتي سيُدخله ‏تجربة حكوميّة ثالثة له، تختلف ظروفه السياسيّة فيها اختلافاً جذرياً عن السابقتين ‏اللتين خاضهما في عامي2005 و2011، إذْ شكّل ترشيحه، عملياً وسياسياً من مقرّ إقامة الحريري في «بيت الوسط»، ومن حاضنة نادي رؤساء الحكومات السابقين، دلالات معبّرة وقويّة على الدعم.

احتجاجات

أقدم لبنانيون على قطع عدد من الطرقات صباح أمس احتجاجاً على نفاد وقود المازوت وإطفاء المولدات الخاصة للكهرباء.

وقطع عدد من المحتجين الطريق البحري في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، قبالة المرفأ الجديد بمستوعبات النفايات وأضرموا فيها النيران، وقام عدد من أصحاب الحافلات والشاحنات بقطع الطريق عند مستديرة الزهراني بسبب عدم وجود المازوت أوالبنزين.