رغم دراسته لتخصص ميكانيك السيارات في سوريا، إلا أن إصراره وعزيمته بأن يتعلم، دفعه إلى دراسة تخصص معلم الصف، انطلاقاً من حبه للأطفال، ومن رغبته في تجاوز حياة اللجوء التي يعيشها في مخيم الزعتري للاجئين السوريين. محمد شبانة، الذي لم يغب اسمه طوال الأربع سنوات عن لوحة الامتياز في الجامعة. 

شبانة وعدد كبير من الشباب، تخرجوا في الجامعات في المخيم، في مشهد يلفت الأنظار، ويعكس مدى قدرتهم على النجاح وتطوير أنفسهم، وسط أزمات متتالية، يعيشونها يوماً بعد يوم، فالطالب الجامعي في المخيم، يختلف عن الطلاب الآخرين، فالفانوس يرافقهم في دراسة الليل، بسبب انقطاع الكهرباء، وشبكة الإنترنت المتقطعة في طبيعة الحال، علاوة على أنّ أغلبهم لديهم عائلات، ويعملون لإعالة عائلاتهم، وأولوياتهم كثيرة ومتعددة. 

يقول الثلاثيني محمد (أبو وسيم)، وهو أب لثلاثة أطفال: عندما وصلت إلى الأردن، وكان عمري 22 عاماً، وأدركت أنني لم أحمل معي أي شهاداتي في معهد الميكانيك، أدركت وقتها ضرورة التحرك بسرعة، وعدم الاستسلام لواقع اللجوء، ومنذ سنوات طويلة، وأنا أقدم للمنح الدراسية، ويتم رفضي، وفي عام 2017، من خلال منحة جسور الأمل، توجهت للمقابلة، ومعي طفلي الصغير، لأخبرهم أن إصراري كبير على الدراسة، ولن تقف بوجهي الصعوبات. 

وبيّن شبانة أنه توجه إلى الدراسة لأهداف عديدة، أهمها إسعاد والديه، وتعزيز فكرة التعليم لدى أولاده، وأيضاً تحقيق طموحه، وتحسين دخله المادي، فمعظم الوظائف في المخيم، أصبحت لمن معهم شهادات جامعية، يعلق قائلاً: «ارتبط حلمي بعدد من الغايات، وبدعم أسرتي، استطعت الوصول إلى هذه اللحظة، فالدراسة لم تكن سهلة، بسبب الالتزامات، وأيضاً العمل، فالوقت المتاح للدراسة، كان في وقت نوم الأطفال، وللأسف، منح التعليم الجامعي تراجعت، وقلّت الفرص، وعلى اللاجئ إما أن ينتظر فرصة له، أو يبحث عن داعم لتعليمه». 

أما العشريني دحام الحمد، فيعبر عن تجربته في دراسة الصحافة والإعلام، بأنها تجربة كان يتوق لها دوماً، فحبه لهذا التخصص، بدأ منذ وجوده في سوريا، ولكنه لم يتمكن من دراسته، وتوجه آنذاك لدراسة التمريض، الحمد، الذي دخل الأردن في عام 2015، وهو مصاب في يده اليسرى، استقرت في نفسه رغبة دراسة الصحافة، ولم يتخلَ عنها، وفي عام 2017، بدأ مشواره الجامعي. 

يقول: «التعليم هو أساس نهضة الأمم، وكل خطوة نسير بها نحو التعليم، هي خطوة بناءة، رغم إصابة يدي اليسرى، إلا أنني لم أقف راضخاً للحال، فبحثت عن تخصص أحبه، وفي المستقبل، أستطيع العمل أيضاً به، التحديات التي واجهتها كثيرة، خاصة أنني أعيش لوحدي، وأهلي في سوريا، وأعمل وأعيلهم في ذات الوقت الذي أدرس به». 

ويختم قائلاً: «هنالك عدد من خريجي الجامعات جيد في المخيم، وهذا يعكس حبنا للتعليم، ويصل عدد الخريجين لهذا العام، إلى مئة خريج من جامعات مختلفة، رحلتي في الدراسة، رحلة طويلة، مليئة بالصعوبات، احتاجت للمثابرة والإرادة، وأتمنى مستقبلاً أن تتاح لي الفرصة، حتى ألتحق ببرنامج الدراسات العليا».