لم يكن الشبان الأربعة المغادرون من صنعاء إلى مدينة إب، يعلمون أن مصيرهم سيكون على يد أحد المسلّحين الحوثيين الذي استقل معهم سيارة الأجرة في الرحلة المسائية التي انتهت فجراً بمقتل اثنين منهم ونقل الآخرين إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، حيث فجر المسلح الحوثي قنبلة يدوية في السيارة عندما احتدم النقاش مع الركاب الذين انتقدوا بشدة فساد الميليشيات وممارساتها الطائفية والسلالية.
تسجل الحادثة واحدةً من جرائم القتل الكثيرة التي يمارسها مسلحو الميليشيات في حق المدنيين بمن فيهم أقاربهم، والتي زادت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بفعل الحصانة التي توفرها الميليشيات لهذه العناصر الإجرامية، إذ تمتد هذه الاعتداءات لتطال حتى العاملين في أقسام الشرطة أو في الدوائر الحكومية المدنية. كما أن من يحملون هذه الصفة يحظون بامتيازات كبيرة، فإلى جانب الرواتب الشهرية، إذ إن لهم الأولوية في الحصول على المساعدات الغذائية التي تقدم من المنظمات الدولية وفي الحصول على الغاز المنزلي وبكميات أكبر من بقية السكان.
ووفق ما ذكره هؤلاء فإن ألقاباً خاصة تطلق على العناصر التي أظهرت التزاماً خلال إخضاعها للدورات الطائفية، وتؤمن بولاية زعيم الميليشيات وحقه وسلالته في حكم اليمن دون غيرهم، والمشاركة في القتال لفترات متعدّدة، والقدرة على استقطاب مقاتلين آخرين من معارفه وأقاربه. ويمنح هؤلاء أرقاماً منقوشة على سلسلة تربط في أيديهم أو تعلق على صدورهم ويصبح هذا الرقم تصريح عبور لا يمكن لأية جهة اعتراضه أو إيقافه أو مساءلته باستثناء جهاز مخابرات الميليشيا المعروف باسم الأمن الوقائي.
ثمن الانتقاد
وبالعودة إلى حادثة تفجير المسلح الحوثي لقنبلة يدوية في وسط السيارة التي كان يستقلها مع آخرين فقد ذكر سكان في مرتفعات سمارة بمحافظة إب حيث وقع الحادث، أن أحد المسلحين الحوثيين فجر القنبلة، داخل السيارة بعد أن احتد النقاش مع بقية الركاب الذين انتقدوا ممارسات الميليشيا، قبل أن يقتل اثنان مباشرة فيما أصيب أربعة آخرون بجروح بالغة.
وفي المحافظة ذاتها، في مديرية حبيش القريبة من عاصمة المحافظة، أطلق شاب النار على شقيقه فأرداه قتيلاً، بعد يومين على مقتل أم برصاص ابنها وإصابة زوجته نتيجة العبث بالسلاح في المديرية ذاتها، ولم تذكر سلطة الميليشيات أسباب ودوافع تلك الجرائم، خاصة وأن المحافظة تشهد جرائم قتل شبه يومية نتيجة الانفلات الأمني وانتشار السلاح.
الحكومة اليمنية اعتبرت أن جرائم القتل المروعة التي نفذها العائدون الحوثيون من جبهات القتال بحق المدنيين تؤكد أن الأمر ليس مجرد جرائم جنائية، بل ظاهرة خطيرة أفرزتها دورات الشحن والتعبئة الدموية والأفكار الإرهابية المتطرفة والتحريض على المجتمع.