لطالما كانت وما زالت التوترات في الجنوب السوري تشكل ضغطاً أمنياً على الأردن، فالأحداث الحاصلة في درعا لها ارتدادات باعتبارها المحافظة المحاذية للحدود، والأردن يقرأها في كونها جرس إنذار ينبه إلى أهمية الترقب والتأهب الدائمين في منطقة الحدود المشتركة التي تمتد إلى مسافة 375 كيلومتراً بين البلدين.
الأردن اتفق قبل أيام مع المسؤولين السوريين على فتح معبر (جابر - نصيب) لاستئناف حركة الاقتصادية التي توقفت لأكثر من شهر بسبب الحالة الوبائية، حيث يشكل هذا المعبر شرياناً رئيسياً للاقتصاد الأردني، ويعتبر مساراً رئيسياً ما بين سوريا ولبنان ودول الخليج. وبعد أيام من فتحه وعلى إثر تفاقم الأحداث في درعا، تم إغلاقه من جديد لنعود إلى المربع الأول.
الإغلاقات المؤقتة لم تكن الأولى من نوعها، ففي عام 2015 أُغلق المعبر على إثر تطورات الأزمة السورية، وجاء إعادة افتتاحه في 15 أكتوبر 2018.
حالة الفتح والإغلاق المتكرر لهذا المعبر تؤشر على تساؤل: ما هي المخاطر الأمنية التي تواجه الأردن جراء الاقتتال المستمر في درعا وغيرها من المناطق، وعدم التوصل إلى تسوية بين الفصائل المسلحة.
المحللون الأردنيون أكدوا أن هنالك مخاوف لدى الأردن من التواجد الإيراني بالقرب من حدوده الشمالية، ومن خطورة استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، فهي أسلحة خطرة ولديها القدرة على اختراق أي دولة، وهذا ما أكده العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حين كشف أخيراً في مقابلة إعلامية أن «حوادث إطلاق النار على حدودنا تزايدت تقريباً إلى الدرجة التي كنا عليها خلال ذروة القتال مع داعش. وللأسف، فقد هوجم الأردن بطائرات مسيرة تبين أنها تحمل تواقيع إيرانية وكان علينا التعامل معها».
حالة فوضى
الباحث في الشؤون الدفاعية والاستراتيجية، مأمون أبو نوار قال: «هنالك اشتباكات في درعا، وفي غيرها من مناطق سوريا، وحالة الفوضى تؤدي إلى قلق أردني، ومن هنا جاء إغلاق المعبر، ومن المتوقع أن يكون إغلاقه لفترة طويلة إلى حين استقرار سوريا».
وأضاف: «لا يمكن إنكار أن هنالك تهديدات تواجه الأردن جراء ما يحدث في درعا، وعدم الاستقرار بسوريا بشكل عام، فأبرز تهديد هو فكرة نزوح سكان درعا الذين تتجاوز أعدادهم 50 ألف نسمة، فهل الأردن قادر على استقبالهم وتحمل عبئهم!». وبين أبو نوار أن القضايا التي تؤرق الأردن عديدة ومنها قضية التهريب المستمر للأسلحة والمخدرات، إضافة إلى تمركز الميليشيات الإيرانية في منطقة الحدود، ورغم أن الضامنة هي روسيا بأن تكون الحدود مستقرة، ومع ذلك هنالك حالة ترقب أردني دائم.
من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية د. خالد شنيكات إلى أن موازين القوى اليوم اختلفت عما كانت في عام 2018، وهنالك تغيرات على الأرض، فالجيش السوري سيطر على معظم مناطق البلاد باستثناء أجزاء في الشمال السوري وبعض المناطق المحدودة، ويريد بسط نفوذه على باقي المناطق، فتح المعبر بين الأردن وسوريا، حفز في الحقيقة فكرة أن تكون هذه المناطق تحت سيطرة الجيش السوري رغم أن هناك اشتباكات وخلافات بين المعارضة والحكومة حول تفاصيل الاتفاق بين الطرفين، وبالتالي شهدنا الاشتباكات التي حدثت.
أما الخبير الأمني د. بشير الدعجة فأكد أن الحدود الأردنية السورية مؤمنة بشكل جيد، ولا يحدث خرق، بل هنالك محاولات ويتم سيطرة عليها في كل مرة، إغلاق المعبر جاء نتيجة المناوشات التي حدثت في درعا، علاوة على أن قطع الفصائل لهذا الطريق هو رسالة بأن درعا إلى غاية الآن ليست آمنة بشكل تام، مما يسمح بتنقل المواطنين والبضائع.