تسببت الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في التحاق أكثر من ثلاثة ملايين طفل بسوق العمل في اليمن، وحرمت مليونين من الالتحاق بالمدارس، إلى جانب حرمان المعلمين من رواتبهم منذ أربعة أعوام.

ووفق أحدث تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإنه وخلال الفترة الواقعة بين مارس 2015 وفبراير الماضي، تم تجنيد أكثر من 3.600 طفل في اليمن ضمن القوات والجماعات المسلحة. وفي عام 2013، انخرط 17 في المئة من أطفال اليمن ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً - 3.1 ملايين في المجموع – في عمالة الأطفال.

ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من الأطفال العاملين في الوقت الراهن بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يشهده اليمن.

وأوضح التقربر أنه وبعد ست سنوات من الصراع، أصبح تعليم الأطفال أكبر ضحايا الحرب في اليمن - وذلك أن ما يربو على مليوني طفل (فتيان وفتيات في سن الدراسة) هم خارج المدارس بسبب الفقر والنزاع وانعدام فرص التعليم. «ويُعتبر هذا العدد أكثر من ضعف عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2015، حيث بلغ عددهم حينها 890.000 طفل».

وذكرت المنظمة أن القلق يتزايد لأن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أو الذين تسربوا من مدارسهم في الآونة الأخيرة قد لا يعودون للدراسة إطلاقاً إذا لم يتم دعمهم بشكل صحيح. إذ لا يزال اليمن يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج ثلثي السكان – أي ما مجموعه 20.7 مليون شخص – إلى مساعدة إنسانية عاجلة نتيجة حالات الطوارئ المتعددة مثل النزاعات والأوبئة والكوارث الطبيعية.

فقر مدقع

ومع زيادة حدة الفقر في البلد، حيث تشير أحدث البيانات إلى أن حوالي نصف السكان كانوا في عام 2014 يعيشون تحت خط الفقر. وفي الوقت الراهن تشير التقديرات إلى أن معدلات الفقر على الصعيد الوطني ارتفعت إلى حوالي 80 في المئة، فإن من بين كل 10 أطفال، يعيش أكثر من 8 أطفال لدى أسر ليس لديها دخل كافٍ لتلبية الاحتياجات الأساسية. وفاقم من هذا الوضع الصعب جائحة كورونا مما أدى إلى توسيع دائرة الفقر لتشمل المزيد من الناس.

وحذرت «يونيسيف» من أن الآثار الجانبية للجائحة ستكون كبيرة على الأطفال، ومن المرجّح أن تتطلب تنفيذ استجابة على المدى الطويل

وفقاً للتقرير ذاته، لم يتسلم 171.600 معلم ومعلمة – ثلثا العاملين في مجال التعليم – رواتبهم بشكل منتظم لمدة أربع سنوات.

ويضطر المعلمون للتوقف عن التدريس لإيجاد سبل أخرى لإعالة أسرهم، الأمر الذي يعرّض ما يقرب من أربعة ملايين طفل إضافي لخطر فقدانهم فرص الحصول على التعليم. ويعاني أكثر من 523.000 طفل نازح في سن الدراسة من صعوبة الحصول على التعليم بسبب عدم وجود مساحة كافية في الفصول الدراسية الحالية، فقد تضررت المدارس وتم استخدامها من قبل قوات مسلحة أو استوطنتها العائلات النازحة، كما فقد معلمون وطلبة حياتهم، وجُرحوا أو أصيبوا بصدمات نفسية.

ضياع الطاقات

ومع تزايد عدد السكان، يحتاج النظام التعليمي إلى استيعاب التزايد المستمر في عدد اليافعين والشباب. وبحسب التقديرات، بلغ عدد سكان اليمن 22.3 مليون نسمة عام 2007 ومن المتوقع أن يصل إلى 47 مليون نسمة بحلول عام 2040. ونبهت المنظمة من فقدان جيل كامل من الأطفال فرصة استغلال طاقاتهم الكامنة إذا لم يتم في الوقت الراهن معالجة التحديات التي تقف أمام النظام التعليمي على نحو ملائم، وعلى المدى المتوسط إلى المدى الطويل.

ويشير التقرير إلى أن الأطفال هم أول الضحايا لهذه الأزمة الفظيعة، حيث يحتاج 11.3 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية. وعندما تتوقف العملية التعليمية في المدارس، يكون الأطفال أكثر عرضة لمخاطر عمالة الأطفال أو الالتحاق بالجماعات المسلحة. وتشدد «يونيسيف» على أن التعليم الجيد هو حق لكل طفل، ويجب أن يضعه صناع القرار والمانحون كأولوية. ودعت إلى وقف الهجمات على المدارس وأماكن التعليم.