رغم فشلها في تحقيق أي تقدم في محافظة مأرب منذ ما يزيد على سبعة أشهر على الهجوم الكبير الذي شنته ميليشيا الحوثي، إلا أنها مستمرة في رفض خيارات السلام والمراوغة في قبول المقترحات الأممية، وحاولت مجدداً التحايل على المطالب الدولية بوقف الحرب بوضع جملة من المقترحات اعتبرت بمثابة شروط مسبقة يستحيل القبول بها، وبالتالي تطيل أمد الحرب ومعاناة ملايين اليمنيين.

الحكومة الشرعية رفضت نقاش ما اقترحته الميليشيا للقبول بخطة إيقاف الحرب المقدمة من الأمم المتحدة، ومثلها فعل مبعوث الولايات المتحدة الخاص باليمن تيم ليندركينج الذي أكد أنه يجب ألا تكون هناك شروط مسبقة للحوار حول السلام وأن مثل هذه الشروط المسبقة لا تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب والمعاناة وعرقلة اتفاقية السلام الدائم التي ستجلب الإغاثة الحقيقية لليمنيين.

تصعيد

وأكد المبعوث الأمريكي أن تركيز ميليشيا الحوثي على استمرار الهجوم على مأرب أدى إلى تقويض جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار كما أن هذا التصعيد العسكري يعرض ملايين الأشخاص للخطر ويشكل تهديدًا خطيرًا للوضع الإنساني. علاوة على ذلك، فإن الحوثيين لا ينتصرون في مأرب. وجزم أن الوضع في جبهات مأرب وصل إلى طريق مسدود.

وفي ظل تنامي المساندة الإقليمية والدولية الداعمة لخطة السلام المقترحة من الأمم المتحدة وإعلان تحالف دعم الشرعية مساندته لهذه الجهود، فإنه بهذه المواقف المتعنتة كشفت الميليشيا صورتها الحقيقية أمام العالم باعتبارها الطرف الوحيد المتسبب في معاناة اليمنيين وإطالة أمد القتال والنتائج الكارثية المترتبة على ذلك، ومع ذلك يميز الجميع الدور الذي يمكن أن يلعبه مبعوث الأمم المتحدة الجديد هانز جروندبرج لإعطاء زخم جديد لعملية سلام أكثر شمولاً بقيادة الأمم المتحدة ويتمكن من خلالها اليمنيون من تحديد مستقبلهم وطي ملف الصراع.

 

استثمار الأزمة

ومع تأكيد تقارير محلية ودولية أن ميليشيا الحوثي تستثمر الأزمة الإنسانية لابتزاز الشرعية والتحالف فإن وكالة التنمية الأمريكية جزمت بأن أزمة الوقود الحالية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي ليست مرتبطة فقط بانخفاض الواردات، ولكن أيضاً بسبب تلاعب الحوثيين بالأسعار. علاوة على ذلك، يواصل الحوثيون انتهاك بنود اتفاقية ستوكهولم 2018، مستخدمين إيرادات الموانئ لتمويل مجهودهم الحربي بدلاً من دفع رواتب الموظفين المدنيين.

 

ووفق ما ذكرته سارة تشارلز مديرة الوكالة في اليمن فإن الوضع في هذا البلد مريع، حيث يحتاج ثلثا السكان إلى مساعدات إنسانية. ويكافح أكثر من 20 مليون يمني كل يوم للبقاء على قيد الحياة دون الضروريات الأساسية بما في ذلك أكثر من 2 مليون طفل صغير يواجهون سوء التغذية القاتل هذا العام وحده. وقالت «إنه وعلى مدى السنوات السبع الماضية، رأينا العائلات تنزح مرارًا وتكرارًا، وتصبح أكثر ضعفًا في كل مرة يضطرون إلى الفرار. ويكون هذا الأمر أكثر حدة في الوقت الحالي في مأرب، حيث أدى هجوم الحوثيين الأخير إلى قتل المدنيين ويهدد بتشريد مئات الآلاف من الأشخاص».

 

خطر دائم

ورأت المسؤولة الأمريكية أن المساعدات وحدها لا يمكنها تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة والمتنامية في اليمن مع أن هذه المساعدات حالت حتى الآن دون انزلاق الناس إلى المجاعة، غير أن التصعيد الأخير للعنف في مأرب لا يؤدي إلا إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية ويزيد من الضغط على الاستجابة الإنسانية المضغوطة بالفعل، ونبهت إلى أن اليمن لا تزال منطقة خطيرة للغاية من الناحية اللوجستية لعمال الإغاثة. كما أن الهجمات العشوائية التي يشنها الحوثيون على السكان المدنيين، لا سيما حول مأرب، تضع موظفي شركاء العمل الإنساني على الأرض - جميعهم يمنيون تقريباً، في خطر دائم.