مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن بفعل الحرب المتواصلة منذ ستة أعوام، تصر ميليشيا الحوثي التي أشعلت هذه الحرب على إهدار فرص السلام، وإفشال كل جهد يقترب من وضع حد لهذه الحرب، وإعادة الاستقرار، وإنهاء معاناة ملايين اليمنيين، وليس آخرها خطة الأمم المتحدة.

وفي حين تنتظر الأوساط الشعبية والسياسية تسلم مبعوث الأمم المتحدة الجديد مهامه مطلع الشهر المقبل لمواصلة الجهود التي قادها سابقه، إلا أن الميليشيا،

تستبق هذه التحركات بالتصعيد والاستعداد لهجوم جديد يستهدف مأرب بعد أن فشلت الهجمات السابقة التي تستهدف المحافظة منذ بداية العام الجاري، إذ أكدت مصادر عسكرية يمنية أن الميليشيا عرضت هدنة على قبائل المحافظة وهدفها إعادة ترتيب صفوفها وحشد المزيد من المقاتلين، وتجنيد المزيد من صغار السفن والدفع بهم إلى هذه الجبهات.

 

مناورات الحوثيين

المصادر تحدثت عن رفض القبائل لذلك العرض لإدراكها أنها مناورة جديدة هدفها إعادة ترتيب صفوف الميليشيا واستكمال تدريب دفعات جديدة من صغار السن والفقراء ثم دفعهم إلى محافظة مأرب في محاولة جديدة لتحقيق أي اختراق بعد أن فشلت كل محاولاتها السابقة، الخسائر الكبيرة التي منيت بها طوال الأشهر السبعة الأخيرة، إذ تعتقد الميليشيا أن بمقدورها أن تحقق شيئاً يمكنها من فرض شروطها التي كشفت عنها عبر ما سمتها مبادرة لوقف القتال في مأرب وهي مطالب بالمشاركة في إدارة حقول النفط والغاز ومحطة الكهرباء الرئيسة.

 

مأساة اليمنيين

وإذ تؤكد الأمم المتحدة أن إطالة أمد القتال يعقد الأوضاع أكثر ويوجد أطراف وقوى جديدة على الساحة اليمنية. ويزيد من العوائق التي تعترض طريق السلام، فإن ميليشيا الحوثي تراهن على فشل خطط السلام والعمل على استمرار الصراع على أسس مذهبية وسلالية وجغرافية، وهو أمر يكشف حاجة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عملية تجبر الميليشيا على القبول بخيار السلام وإنهاء مأساة اليمنيين.

ووسط هذه الظروف أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن المجتمعات المحلية في اليمن، لا تزال تكافح للتمييز بين الجهات الشرعية الفاعلة في مجال العدالة، والقبضة الكاسحة للميليشيا المسلحة. بعد أن فقدوا الثقة بنظام العدالة الرسمي وبدلاً من ذلك يعتمدون في كثير من الأحيان على قادة محليين موثوق بهم.

وذكرت في تقرير حديث أنه ومع الضعف المستمر للروابط الاجتماعية في المجتمع اليمني، فإنها تدعم مشروع دعم الأمن المحلي الذي يهدف إلى تحسين الوصول لخدمات العدالة والأمن الرسمية وغير الرسمية في جميع أنحاء البلاد على المستوى الفردي والمجتمعي والمؤسسي، إذ تولى البرنامج تدريب نحو 115 جهة فاعلة محلية موثوقاً بها (بمن في ذلك 40 امرأة) في مسح الصراع والحوار المجتمعي.

وهؤلاء الوسطاء المحليون هم أعضاء فاعلون في المجتمع ملتزمون بناء السلام، إذ يُمكِّن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق التضامن من عمل هؤلاء الوسطاء المطلعين لتسهيل القرارات غير العنيفة، وربط أفراد المجتمع بالخدمات القضائية والأمنية عند الاقتضاء. وسيعملون من خلال العمل طرفاً محايداً، يساعد الوسطاء المطلعين على استعادة الروابط المجتمعية وتشجيع عمليات بناء السلام الشاملة، ودعم إنشاء أساس متين لتعافي الأمة من الصراع.