شهدت الأردن خلال العام الجاري 12 جريمة أثارت جدلاً عن أسباب تفاقم الجرائم الأسرية التي كانت جل ضحاياها من النساء، بما يدق ناقوس الخطر في المجتمع الأردني. ومن آخر الجرائم مقتل زوجة 28 عاماً وأم لثلاثة أطفال على يد زوجها حرقاً. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني، إلى أنّ المملكة شهدت ومنذ مطلع العام الجاري وحتى منتصف سبتمبر وقوع 12 جريمة قتل ذهب ضحيتها 13 أمرأه، فيما نجت ابنة وزوجة طعنتا في حادثتين منفصلتين على يد الأب والزوج، فيما رصدت «تضامن» وقوع 21 جريمة قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال العام 2019، و20 جريمة خلال العام 2020. وتشكّل جرائم قتل النساء أخطر وآخر سلسلة حلقات العنف المستمر بحقهن، ونتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن.

وتؤكد «تضامن»، أنّ النساء لا يملكن خيارات ولا تتاح أمامهن الفرص للنجاة من العنف الأسري، ما لم تتخلص النساء من ثقافة الصمت وتتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها الكاملة في الحماية والعلاج والتأهيل على مختلف المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية والسياسات في المجالين الخاص والعام. وشدّدت «تضامن»، على ضرورة تحمّل الجهات المعنية مسؤولية الحماية كمبدأ أساسي، والعمل على إنهاء أي أثر قانوني لإسقاط الحق الشخصي على العقوبات الجزائية لمرتكبي العنف ضد النساء والفتيات والأطفال، والعمل على الحد من التغاضي والتسامح مع مرتكبي العنف.

وقال الخبير الاجتماعي د. حسين خزاعي، إنّ ما يصدم في الجرائم الأسرية هو الوحشية التي يتم من خلالها الاعتداء على النساء من قبل أحد أفراد أسرتها الذين من المفترض أن يكونوا بمثابة الحامي والسند. ولفت خزاعي، إلى أنّ الأسباب التي أدت لازدياد جرائم العنف بحق النساء ثقافة الصمت، مضيفاً: «فضلاً على غياب ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة وثقافة الاحترام بين الأزواج وتأجيل حل الخلافات، هذه الجرائم الصادمة للمجتمعات يقوم بها عادة أشخاص مدمنين أو متعاطين، المخدرات تلغي المشاعر والمبادئ والقيم، الأسباب عديدة ومنها أيضاً الظروف الاقتصادية والفقر والبطالة، هذه الظروف تهيئ الأجواء للجريمة ودفع العاطلين عن العمل الذين يشعرون بضغوطات كبيرة أو عدم قبول من المجتمع لارتكاب الجرائم هروباً من الواقع».

بدوره، أشار مدير مركز الثريا للدراسات د. محمد الجريبيع، إلى أنّ منظومة القيم شهدت تغيراً ملحوظاً، مردفاً: «تاريخياً يوجد لدى المجتمع الأردني 3 ضوابط لسلوك الفرد هي الدين والعرف والقانون، ومع تغير المنظومة تغيرت قواعد عديدة متعارف عليها، فضلاً عن ظروف التي تزامنت مع جائحة كورونا أوجدت بيئة خصبة للعنف، ووجود خلل في التشريعات، إذ إنّ المحاكمات لا تسير بشكل سريع، وإسقاط الحق الشخصي».