تراجعت قدرة العائلات السورية اللاجئة في الأردن على توفير الغذاء كما كانت قبل جائحة كورونا، فقلة توفر فرص العمل وانقطاع المساعدات الغذائية من قبل المنظمات الدولية أدت إلى اتباع أساليب تكيف سلبية مع الأوضاع القائمة، وهذا سيؤثر بدون شك على صحة العائلة بالمجمل، فانعدام الأمن الغذائي بحسب الدراسات الحديثة تواجهه أكثر من 24% من الأسر، فيما قدر أن 2% منها قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية. 

وبحسب الاستراتيجية الإقليمية لاستضافة اللاجئين 2021-2022 التي تعدها الأمم المتحدة، قد أشارت إلى أن وباء كورونا هدد استقرار مستوى حياة اللاجئين السوريين في الأردن بعد أن تراجعت بعض المؤشرات المتعلقة بحياتهم ست سنوات إلى الوراء، الأمر الذي تبددت على إثره جهود مساعدة اللاجئين خلال الأعوام الأخيرة.

وبينت الاستراتيجية أن معدلات الأمن الغذائي اليوم أصبحت مساوية لتلك الخاصة بالعام 2014، إضافة إلى التحديات الموجودة مسبقاً مثل ندرة المياه وضعف البنية التحتية. ومنذ ظهور الوباء، أكدت الاستراتيجية أن أسر اللاجئين في المخيمات التي لا تستهلك كميات كافية من الغذاء زادت من 5% إلى 19% بين العامين 2019 و2020، ووصلت إلى أسوأ المستويات منذ العام 2014.

كما أوضحت أن اللاجئين الذين يعيشون في المجتمعات المضيفة وصل انعدام الأمن الغذائي لديهم إلى 24% مقارنة بـ14% في 2018، وأن 2% فقط من أسر اللاجئين تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية دون أي استراتيجيات سلبية للتكيف، والتي تشمل خفض الوجبات، وسحب الأطفال من المدرسة، والزواج المبكر، وإرسال أفراد الأسرة للتسول.

وفي الأردن يعيش أكثر من 656 ألف لاجئ سوري مسجلين بمفوضية اللاجئين، من بين 747 ألفاً يعيشون في البلاد، بينما تقدّر الحكومة الأردنية عدد السوريين على أراضيها بـ1.3 مليون لاجئ.

من مخيم الزعتري للاجئين السوريين، يوضح محمد أكرم كيف هي أحوال اللاجئين في المخيم قائلاً: «أعتقد أن العديد من العائلات تشعر بحالة من القلق وانعدام الأمن الغذائي، ومن مشاهداتي أتوقع أن أكثر من 24% من هذه الأسر تبتكر حلولاً من أجل إدارة توفير الغذاء للعائلة، ما يحدث أن كثيراً منهم يضطرون إلى بيع الغذاء الذي يشترونه من خلال بصمة العين، أي المساعدات التي تقدم إليهم من قبل المفوضية لتأمين الاحتياجات الغذائية، فهم يبيعونه من أجل سداد بعض الالتزامات المتراكمة عليهم مثل شراء الأدوية وما يحتاجه الأبناء للمدرسة وأيضاً الظروف الفجائية التي من الممكن حدوثها، ومن هنا تصبح الحصص الغذائية المتوفرة أقل من الحاجة». 

أضاف أكرم، وهو أب لثلاثة أبناء: «نعتمد دوماً على توفير الغذاء الأساسي مثل الأزر والمعكرونة والسكر والبقوليات، وبالنسبة للدجاج واللحوم فهي غير يومية بالطبع، تكلفة شراء المواد التموينية مرتفعة كما هو معروف، ولا نستطيع توفير ما نرغب به، وبالتالي سنواجه انعدام الأمن الغذائي، وأيضاً سيواجه أطفالنا سوء التغذية». وختم أكرم قائلاً: «قبل جائحة كورونا كانت الظروف أفضل وفرص العمل متوفرة بشكل أفضل، مما يعني وجود دخل للعائلة يمكنها من توفير الغذاء وأيضاً تحسينه، الآن الأغلب فقدوا أعمالهم، فكيف لهم أن يؤمنوا الغذاء للعائلة، هنالك غصة لدى الأهالي للعجز الذي نعيشه». 

بدوره، يقول أستاذ الاقتصاد من جامعة اليرموك، د.قاسم الحموري: إن انعدام الأمن الغذائي لدى اللاجئين يعود إلى أن المجتمع الدولي تجاهل مسؤوليته اتجاه اللاجئين السوريين وأيضاً المجتمعات المضيفة، فالتمويل إلى غاية الآن بلغ 23% من حاجة الأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري، وبالتالي لا يوجد موارد مالية لتغطية غذاء اللاجئين بشكل كامل، أيضاً الأردن يواجه سنوات صعبة، حيث لا تتجاوز معدلات النمو الاقتصادي 2%، علاوة على أن جائحة كورونا أثرت على العديد من القطاعات الاقتصادية وتوقفها وتراجع الدخل، حتى أن الأمن الغذائي بالنسبة للأردنيين أصبح في خطر، حيث أصبح لدينا ما يعرف بفقر الجوع، أي أسر لا تجد قوت يومها. 

أضاف الحموري قائلاً: «بالتالي هي مجموعة عوامل منها خارجي وآخر داخلي.. حالة الضيق التي تحاصر اللاجئين من جميع الجهات، فقبل أشهر قطع برنامج الأغذية العالمي في الأردن المساعدات الغذائية الشهرية عن 110 آلاف لاجئ مستفيد من المساعدات بسبب نقص التمويل الدولي، وكما ورد في الدراسات الحديثة فإن 79% من السوريين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 3 دولارات في اليوم الواحد».