تعتمد ميليشيا الحوثي، التجويع، وسيلة لقمع السكان، والسيطرة على كل موارد الدولة، وتوظيفها في خدمة مجهودها الحربي، وإثراء قادتها، ومن يعمل معها. وزاد من فاعلية هذا النهج، تحكّمها بأنشطة المنظمات الإغاثية الأممية، وتحديد قوائم المستفيدين، بما يخدم استمرار هيمنتها وقمعها. وبعد أن أوقفت صرف رواتب نحو مليون من الموظفين، وحولت كل عائدات الدولة نحو المجهود الحربي، وقيدت أنشطة المنظمات الإغاثية، من خلال فرض الموافقة المسبقة على أي نشاط إغاثي، وتحديد الشركاء المحليين وقوائم المستفيدين، ذهبت نحو إعلان نيتها تخصيص خمسين دولاراً للمعملين في مناطق سيطرتها، بعد أن ترك أكثر من مئة ألف منهم هذا المجال، وذهب للبحث عن مصدر دخل في مجالات أخرى، وفق تقارير دولية، ولكن انتصف العام الدراسي، ولم يمنح المعلمون أي مبلغ.
شراء الولاءات
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل طلب رئيس جامعة صنعاء، وهو قيادي في الميليشيا، من هيئة الزكاة، تخصيص مبالغ من الصدقات لأساتذة جامعة صنعاء الموقوفة رواتبهم منذ خمسة أعوام، وهي خطوة أثارت استياء قطاع واسع من العاملين في الجامعة، حيث يتم البحث عن الصدقات، لإعطاء أساتذة الجامعات جزءاً من حقوقهم، وسط ثراء فاحش ظهر على قادتها ومشرفيها، وحجم الإنفاق الذي يتم على استمرار القتال، وشراء الولاءات، وتأسيس قنوات تلفزيونية وإذاعية، وشراء لافت للعقارات، وإنشاء مراكز تجارية وقصور يملكها قادة في هذه الميليشيا.
وأكد عاملون في قطاع التعليم، أن الرواتب الشهرية حق، والحقوق تنتزع ولا تستجدى. وحسب معلمين اتصلت بهم «البيان»، فإن تحكم الميليشيا بالموارد المالية، وبقوائم المستفيدين من المساعدات الإغاثية، جعلها تتحكم بالسكان، وتمنح من يواليها نصيباً من الإغاثة، أو فرصة للعمل التجاري، وتحرم من تشك بولائهم.
ضم موالين
ورأى هؤلاء، أن نهج التجويع الذي تتبعه الميليشيا، يضمن لها وجود موالين في أوساط العاملين في الجامعات، وسلك التعليم عموماً، وهم في الغالب من يبحثون عن إعانات مالية، أو ضمهم إلى قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية، خاصة بعد اعتماد البدل النقدي، عوضاً عن المساعدات العينية، حيث تحصل بعض الأسر على 200 دولار شهرياً، في حين أن العاملين في قطاع التعليم، لا يحصلون على أي مبالغ، وملزمون بالعمل، ومهدّدون بالفصل في حال غيابهم.
وفي ظل تراخٍ أممي، استطاعت ميليشيا الحوثي، التحكم بعمل المنظمات الإغاثية، والنشاط الإغاثي بشكل مطلق، في مناطق سيطرتها، والتحكم بقوائم المستفيدين، وتحديد الشركاء المحليين، وخدمات الدعم اللوجستي، ما جعلها تتحكم بمصادر الدخل للسكان، فجميع العاملين في المنظمات الإغاثية، هم من أتباعها، كما أن مشرفيها يتحكّمون بالعمل في قطاع الخدمات اللوجستية، بعد أن أصبح النشاط التجاري حكراً على أتباعها، كما أن الباحثين الميدانيين الذين يتوّلون تحديد قوائم المستفيدين من المساعدات وأعدادهم، هم من المنظمات المحلية التي أسستها الميليشيا.