مع مواصلة ميليشيا الحوثي تصعيدها العسكري في جنوب محافظة مأرب منذ سبتمبر الماضي، زادت أعداد النازحين داخل المحافظة إلى أكثر من مائة ألف مدني، يتركزون في مديريتي مدينة مأرب ومديرية الوادي المجاورة ويعيش أكثر من خمسة وأربعين ألفاً منهم أوضاعاً مأساوية يفتقرون مع دخول فصل الشتاء للمأوى والمواد الغذائية وغالبيتهم من الأطفال والنساء في موجة نزوح وصفت بأنها الأكبر التي تشهدها البلاد.
ومع حلول فصل الشتاء والانخفاض الكبير في درجات الحرارة تشير تقارير المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية إلى أن المحافظة تشهد مرحلة حرجة واستثنائية وأزمة متداخلة تتضاعف أعباؤها يوماً بعد يوم.
حيث تضاعف المأساة والمعاناة التي تعيشها العائلات النازحة من مناطقها ومعها تزداد الأعباء والمهام والاحتياجات والتحديات بشكل كبير، رغم الجهود التي تبذلها السلطة المحلية في المحافظة ومعها مقدمي الخدمات من الشركاء الإنسانيين الذين يحاولون احتواء هذه العائلات بعد أن فقدت منازلها ومصادر رزقها ومدخراتها وكل ما تملكه ونجت بحياتها من الموت.
وفي ظل فشل جهود إقناع الميليشيا بالعدول عن الخيار العسكري تؤكد المنظمات الإغاثية أن الأسر النازحة فقدت الكثير من مقومات البقاء على قيد الحياة، حيث لا تزال هناك عائلات من نفس مناطق النزوح السابقة تتدفق، بعد أن ضاق بها الحال وفقدت أمنها ومصادر رزقها، وهي تستغرق وقتاً طويلاً في العبور من خلال طرق وعرة وتضاريس صعبة بعد دخول الميليشيا مناطقهم.
أين المأوى؟
الأسر المشردة تبحث عن مأوى في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وهو ما يشير إلى حجم الرفض الشعبي لهذه الميليشيا واستعداد الناس للعيش في مخيمات مكتظة وفي ظروف بائسة بدلاً من البقاء تحت حكمها، حيث انضمت إلى مواقع نزوح مزدحمة تعاني أصلاً من الاكتظاظ بآلاف العائلات ما دفع السلطات إلى افتتاح عشرات المخيمات الجديدة في هذا النطاق الجغرافي والمناطق المحيطة بها.
ففي مديرية مأرب الوادي التي وصلتها العائلات النازحة الجديدة، يتفاقم الوضع الإنساني، وحزمة الاحتياجات كبيرة وتتضاعف يوماً بعد يوم، إذ يعيش النازحون الجدد والسابقون في حالة نزوح طويلة الأمد، ويحتاجون جميعًا إلى دعم عاجل، بينما يبذل العاملون في المجال الإنساني جهودًا لمحاولة تلبية تلك الاحتياجات وسد تلك الفجوات التي تتطلب المزيد من التمويل والمشاريع والتدخلات للمساعدة في تخفيف معاناتهم.
أزمة متداخلة
وحسب المنظمات الإغاثية فإن أزمة النزوح الحالية هي جزء من أزمة متداخلة تستنزف قدرات الدعم المحلي والقدرات المحدودة للمنظمات العاملة في مأرب.
وانه ولأجل مواجهة هذه الحاجة المتزايدة التي تتجاوز القدرات المحدودة لمقدمي الخدمات للاستجابة للوضع الإنساني المتدهور والمتفاقم، وضعت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية أمام هذه المأساة الإنسانية، وطالبتهم بتحمل مسؤولياتهم نتيجة هذه التطورات التي تهدد بكارثة إنسانية سيئة لهذه العائلات النازحة.
حيث يحتاجون إلى المأوى والمواد غير الغذائية والأمن الغذائي وسبل العيش، وكذلك الرعاية الصحية، والحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي، ودعم أنشطة تنسيق وإدارة المخيمات، وخدمات الحماية وغيرها من المشاريع والأنشطة المنقذة للحياة.