على غير ما كان متوقعاً في بدايته الذي شهد تحركات أممية ودولية استثنائية لإحلال السلام، ينقضي العام 2021 في اليمن على تصعيد متواصل من ميليشيا الحوثي، لا سيما في محافظة مأرب تحديداً، كما شهدت المحافظة ذاتها نزوح نحو 130 ألف مدني جراء هذا التصعيد، الذي واكبه إفشال جهود الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، وانهيار اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، وعودة بروز شبح المجاعة الذي يلاحق أكثر من خمسة ملايين شخص. 

في بداية العام 2021، ومع طرح مبعوث الأمم المتحدة السابق لخطة وقف إطلاق النار ذهبت ميليشيا الحوثي نحو استهداف محافظة مأرب عبر البوابة الغربية منطلقة من مركز تواجدها في مديرية صرواح، وخاضت القوات الحكومية المسنودة بمقاتلات التحالف معارك عنيفة مع هذه الميليشيا، وخاصة في جبهتي المشجح والكسارة، وشهدت هاتان الجبهتان سقوط نحو 20 ألفاً من عناصر ميليشيا الحوثي التي فشلت وبعد تسعة أشهر على ذلك الهجوم في تحقيق أي اختراق نحو مدينة مأرب عاصمة المحافظة. 

ومع تولي مبعوث الأمم المتحدة الجديد هانس غوندبورغ مهام عمله، ومواصلة مبعوث الولايات المتحدة تيم ليندركنغ اتصالاته من أجل إتمام الاتفاق على خطة الأمم المتحدة بشأن وقف شامل لإطلاق النار، وما يرافقها من إجراءات إنسانية واقتصادية ومن ثم الذهاب إلى محادثات سلام شاملة اتخذت ميليشيا الحوثي قرار تصعيد جديداً بعد أن وضعت جملة من الاشتراطات للقبول بالخطة الأممية، وذهبت نحو فتح جبهات جديدة للقتال عبر جنوب محافظة مأرب، وصعدت من خروقاتها في مدينة الحديدة والمديريات الواقعة جنوبها، وأوصلت تلك الجهود إلى طريق مسدود. 

وخلافاً، لما كانت الأوساط السياسية تتوقعه التزم المبعوث الأممي الجديد الصمت تجاه ما فعلته ميليشيا الحوثي، ورفضها خطة السلام التي ساندتها المملكة العربية السعودية بإطلاق مبادرة شبيهة بتلك الخطة قوبلت بالرفض أيضاً، وصرح المبعوث أخيراً بأنه يسعى لعقد جولة محادثات جديدة في مطلع العام 2022 دون الحاجة إلى الاتفاق على وقف لإطلاق النار، لكنه لم يورد أسباباً أو مبررات مقنعة لنجاح هذه الجهود التي تأتي بعد مضي خمسة أعوام على محادثات الكويت التي كانت على أعتاب إبرام اتفاق شامل لإنهاء الحرب قبل أن ترفض ميليشيا الحوثي التوقيع عليها في نهاية تلك المحادثات. 

ومع نهاية 2021 حذر برنامج الأغذية العالمي من نفاد الموارد اللازمة لتقديم المساعدة الغذائية إلى 13 مليون مستفيد في اليمن إذا لم يتم حشد التمويل قريباً، فسيحصل 8 ملايين شخص على حصص غذائية مخفضة اعتباراً من يناير 2022، وسيكون المزيد من التخفيضات أمراً لا مفر منه، حيث يأتي التخفيض في وقت يتزايد فيه انعدام الأمن الغذائي بشكل سريع. 

ووفق المنظمات الأممية فإن الدوافع الأساسية لانعدام الأمن الغذائي ووصوله لمستويات تتجاوز هذه المرة أزمة عام 2018، هي تسارع انخفاض قيمة العملة في العام الجاري، رافقه ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الآخذة في الارتفاع، حيث تضاعفت أسعار المنتجات الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى 300٪.