تتنوع وسائل اليمنيين لمواجهة تداعيات الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي منذ ستة أعوام، وكانت النساء في صدارة الفئات الاجتماعية التي تحدت القيود الاجتماعية، وما خلّفته سنوات الصراع من آثار اقتصادية واجتماعية، وتمكنّ من تحقيق نجاحات في مجالات عدة، من بينهن أزهار عبدالسلام، التي اختارت أن تكون الريشة وسيلتها للتغلب على الظروف التي أوجدها واقع الصراع وأفقد الملايين من اليمنيين مصادر العيش.

وبعد أن كان الرسم لها مجرد هواية لها باتت الريشة اليوم أداة أزهار للنجاح بعد أن خذلها سوق العمل، في رحلتها التي بدأت بإدارة الأعمال إلى التسويق، ومن ثم التدريب، محطات كثيرة تتسم باختلافها ولكنها تكتب قصة نجاح وانتصار الأمل، فالحرب في اليمن هدمت الكثير من طموحات الشباب، وفي حين استسلم البعض صمد البعض الآخر ويرفض الاستسلام.

نجاح كبير

تخرجت أزهار من كلية التجارة ومخالفة لبعض البدايات عملت في إطار تخصصها في إحدى شركات التسويق العنكبوتية التي اشتهرت في فتره من الفترات، وبالرغم من عملها ودراستها في ذات الوقت حققت نجاحاً كبيراً في هذا العمل وترقت حتى أصبحت مدربة وحصلت على شهادة في التدريب والتسويق، وتميزت بتسويق منتجات التجميل المصنوعة من الأعشاب التي تنتجها إحدى الشركات، إذ كانت تبيع منتجاتها لمجموعة من الزبائن وتدخلهم فيما بعد كعُملاء لدى هذه الشركة ويقومون بالتسويق هم الآخرون لتلك المنتجات.

وبعد أن اشتغلت كمدربة أتتها العديد من فرص العمل إلا أنها أحبت هذه المهنة إلى أن تركت العمل بسبب توقف الشركة. ولأن الرسم كان هوايتها منذ أن كان عمرها ثماني سنوات فقد زاد تعلقها بهذا المجال بسبب أخيها الذي كان هو الآخر يحب الرسم والتحق بالدراسة في معهد الفنون الجميلة إذ تعلمت منه أشياء كثيره في مجال الرسم، لأنها كانت تمارس الرسم كهواية ومن دون دراسة لقناعة تشكلت لديها بأن الرسام في اليمن ليس لديه مستقبل.

ولأن موهبتها برزت منذ الصغر فقد كانت تقوم بالمشاركة في جميع أنشطة المدرسة كرسامة وصانعة مجسمات، إلى أن أنهت دراستها الثانوية والتحقت بالجامعة، حيث تحولت حينها إلى رسم وجوه الشخصيات إلى جانب دراستها وتميزت في ذلك حتى أتاها عرض من إحدى صديقاتها التي ساعدتها على إقامة معرضها الأول في2017 في أحد بيوت الثقافة والفن، وبعد أن تلقت العديد من الردود الإيجابية دفعها ذلك إلى أن تنشط أكثر.

مبلغ بسيط

 

الشابة التي بدأت وضع قدمها على طريق الرسم من خلال رسم وجوه الشخصيات مقابل مبلغ مادي بسيط وجدت فرصه عمل في إحدى شركات التسويق الشبكي، وكانت حينها في عامها الدراسي الثاني ولا تعرف شيئاً عن مجال التسويق إلا أنها تدربت وتفوقت، واستفادت في كسب العلاقات مع العديد من العُملاء في كل مكان إلا أنها وبعد عامين ونصف العام توقف العمل بسبب الأحداث.

في بداية العام الماضي، قررت تطوير موهبتها والتحقت بإحدى الدورات المتخصصة في مجال الرسم الزيتي لتطور وتوسع مداركها ثم التحقت بالمنتدى العربي للفنون قبل أن تنقطع لفترة بسيطة بسبب زواجها، لكن زوجها شجعها على مواصلة عملها ودعمها لتعود من جديد. وهي اليوم بريشتها المتواضعة حولت الموهبة إلى طموح، لمواجهات الظروف الاقتصادية في وطن يبحث الكثير من أبنائه عن أي فرصة عمل، واستعاد بعضهم إحياء مواهبه بعد أن ضاقت فرص العيش وتوقف رواتب غالبية الموظفين منذ خمسة أعوام.