مع استمرار تردي الأوضاع المعيشية للسكان في اليمن بسبب الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي، حيث جعلت 80 في المئة منهم إلى ما دون خط الفقر، سجلت المنشآت الطبية ارتفاع معدل الإصابة بالأمراض النفسية، في مناطق سيطرة الميليشيا، أغلبهم من ربات البيوت، حيث أدى قطع الميليشيا لرواتب الموظفين العموميين ومحاربة القطاع الخاص وتسخير عائدات الدولة لصالح مقاتليها إلى انهيار اقتصادي شامل عجزت معه غالبية الأسر عن توفير متطلباتها الغذائية.
صندوق الأمم المتحدة للسكان افتتح مركزاً وحيداً لتقديم خدمة العلاج النفسي للنساء والفتيات في محافظة إب - 192 كيلو جنوب صنعاء، التي يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، حيث تردد على المركز نحو 600 امرأة خلال الشهر الماضي فقط، وتلقت النساء والفتيات المعرضات لخطر العنف المبني على النوع الاجتماعي، والناجون منه خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، والحصول على الأدوية والاستشارات النفسية.
ووفق ما جاء في تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإنه خلال يناير الماضي، بلغ عدد النساء والفتيات المعرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي والناجيات من العنف اللاتي تلقين استشارة نفسية 328، فيما كان عدد المعرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي اللواتي يتلقين دعماً دوائياً 249، فيما بلغ عدد النساء والفتيات والرجال والفتيان الذين حضروا جلسات توعية 577، كما تم تقديم استشارات نفسية لحوالي 114 من الناجيات من العنف في إب، الغالبية منهن 197 من ربات البيوت، و58 من العاطلات عن العمل، و61 من الطالبات، و12 امرأة ينفقن على أسرهن.
وخلال الفترة ذاتها استقبل المركز ودعم 306 نساء وفتيات من المجتمعات المضيفة، و22 من مجتمعات النازحين داخلياً، ومعظمهن يمارسن مهناً مثل الخياطة وصنع البخور والإكسسوارات، لكن الأموال التي يكسبنها تغطي فقط تكلفة نفقات المعيشة الأساسية، حيث يؤكد التقرير أن الذين يعانون من البطالة أو شح الموارد المالية هم أكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات.
ويذكر القائمون على المركز أن التصنيفات المختلفة للاضطرابات النفسية التي تم تشخيصها من قبل مجموعة من خبراء الصحة العقلية خلال الاستشارات النفسية مع المستفيدين أظهرت أن معظم المستفيدين مصابون بالفصام، في حين أن معظم الحالات تكون من النوع الحاد، إلا أنه يمكن التعامل معها من خلال الأدوية النفسية والجمع بين مختلف أنواع الدعم النفسي والاجتماعي في المركز وفي منازلهم ومجتمعاتهم. وأعادوا أسباب شدة حالات مرض انفصام الشخصية في الغالب إلى تدهور الظروف البيئية والآثار المطولة للحرب والصراع، وقالوا إن أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بالاضطرابات الاكتئابية هم في الغالب بمستويات معتدلة ويمكنهم الوصول إلى الأدوية المتاحة لفترة محدودة.