تقول المحكمة الاتحادية العليا في العراق، إن الدستور العراقي يخلو من أي نص يشير إلى «الثلث المعطل»، ولكن مراقبين سياسيين يرون أنها «أوجدت» هذا الثلث في قرار غير إجماعي، بإصدارها «فتوى» وجوب حضور أكثر من ثلثي النواب المنتخبين في جلسة اختيار رئيس الجمهورية «حصراً»، لغرض تحقيق النصاب، ومثل هذا التفسير «اجتهاد»، لا يوجد له نص في الدستور، ولا في قانون مجلس النواب، ما تسبب في أزمة سياسية عصية على الحل، وتدخل البرلمان في عمليات «محاصصة» مرفوضة أصلاً، إضافة إلى عرض أصوات البرلمانيين والمناصب للبيع والشراء، وهذا ما يحصل الآن، من دون الوصول إلى النتيجة المطلوبة.
الكتلة الأكبر
يقول الكاتب والمحلل السياسي، غيث العبيدي، إن هناك تخبطاً في قرارات المحكمة الاتحادية، أو تفسيرات متضاربة لها، فبعد أن أوضحت المحكمة في قرار سابق أن الكتلة الأكبر هي الكتلة الفائزة بأعلى الأصوات في الانتخابات، ظهرت تفسيرات غريبة حول الكتلة الأكبر.
التقسيم الاجتماعي
ويقول المحلل السياسي زيد الزبيدي في تصريحات لـ«البيان»، إن دستور العراق للعام 1958 أكد في مادته الأولى أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، هما العربية والكردية، إضافة إلى أقليات قومية أخرى، ولم يذكر «طائفتين رئيسيتين».
ووفق النائبة البرلمانية السابقة، ميسون الدملوجي، فإن البحث عن الأغلبية المجتمعية أمر كارثي، يهدد بما لا تحمد عقباه، وقد لمسنا ذلك في سنوات ما بعد الاحتلال.
وتضيف لـ«البيان»: «أعداد النساء في العراق يفوق أعداد الرجال، فهل نطالب بـ«حكومة أغلبية نسائية»، في وقت ترتفع أصوات العراقيين ضد المحاصصات والتقسيمات وتوزيع المناصب على أسس غير وطنية».
الوضع مختلف حالياً
ويرى النائب المستقل عبدالهادي العباسي، أن العملية السياسية في العراق عودت الجميع ومنذ العام 2003 وحتى الآن، على اندلاع الخلافات بين السياسيين عند إعلان نتائج الانتخابات، ولكنهم يتفقون على المشاركة في الحكومة في نهاية المطاف وفق نظام التوافق، إلا أن القضية مختلفة هذه المرة، إذ هناك طرفين، يريد الأول العودة إلى التوافق، فيما يدعو الطرف الثاني إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
في السياق، يشير المحلل السياسي مهند علي النعيمي، إلى أن العقدة الرئيسية الآن تكمن في أن المحكمة الاتحادية العليا، تحاول عدم إغضاب طرف على حساب الآخر.
وأضاف النعيمي في تصريحات لـ«البيان»، أن المحكمة سبق أن أقرت بالخطأ الذي حصل في انتخابات 2010، عندما فازت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بأعلى الأصوات، متفوقة على قائمة دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ولكن تم الالتفاف على الفوز، من خلال جذب قوائم أخرى إلى قائمة المالكي، واعتبارها فائزة «بالاحتيال».
الاعتراف فضيلة
ويقترح الخبير القانوني صائب بغدادي، تراجع المحكمة الاتحادية عن قرار نصاب الثلثين +1، دون خشية من إغضاب طرف معين، حيث سبق للمحكمة أن أصدرت قرارات وتراجعت عنها لدى اصطدامها بالواقع، خاصة أن قرارها لم يستند إلى نص دستوري، وأن النص الدستوري المتعارف عليه لتحقيق النصاب هو النصف +1، وفي هذه الحالة لن يحصل أي مرشح على أغلبية تزيد على الثلثين، فتجري الإعادة لإفراز اثنين من الفائزين بأعلى الأصوات، يختار البرلمان أحدهما بالأغلبية المطلقة.