تمكنت الجهود الدولية، والمرونة التي أظهرتها الحكومة اليمنية من تجاوز عقبة فتح الطرقات، وتم تمديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة شهرين إضافيين، في عملية هي الأولى منذ بداية النزاع قبل سبع سنوات. وفرضت المكاسب التي جناها اليمنيون من الهدنة الأولى واقعاً جديداً تعاظمت معه الأصوات الداعمة للسلام، فيما فُرضت على أطراف النزاع والوسطاء قضايا جوهرية من شأنها منع عودة القتال، لا سيما وأن الكل يتطلع لمعالجة ملف فتح الطرقات بين المحافظات، والانتقال نحو معالجة الانقسام المالي وصرف رواتب الموظفين الموقوفة منذ ستة أعوام.
وتشير المنظمات الإغاثية إلى انخفاض العنف بشكل كبير في كل مناطق البلاد بعد إبرام اتفاق الهدنة الأولى، فضلاً عن انخفاض أعداد الضحايا بنسبة تجاوزت النصف، وأن ما سُجّل من ضحايا كان بفعل انتشار الألغام الأرضية والمتفجرات. ولفتت المنظمات إلى أن فترة الهدنة شهدت انخفاضاً كبيراً في انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن انخفاض أعداد الضحايا المدنيين والنزوح القسري، إلى جانب تراجع معدلات النزوح إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي مكّن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى مناطق لم يكن بالإمكان الوصول إليها مع استمرار القتال، وتمكّن الآلاف من السفر إلى الخارج عبر الرحلات التجارية من مطار صنعاء بعد توقف دام ست سنوات، وهي المكاسب التي ترى فيها المنظمات والوسطاء الدوليون أنها تصب في خدمة عملية السلام.
ووسط تأكيد دولي على ضرورة تحول الهدنة لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، فإن الملفات المعروضة على المفاوضين عن الجانب الحكومي والحوثيين، تعكس توجهاً جدياً وصادقاً لتحقيق السلام، إذ يُنتظر أن يواصل الطرفان النقاشات حول توحيد البنك المركزي والسياسة والنقدية، وتوحيد الموارد وصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين والموقوفة منذ ست سنوات، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل أرضية صلبة لاستئناف محادثات السلام النهائية، وفق مصادر مشاركة في المحادثات الجارية في العاصمة الأردنية، والاتصالات غير المعلنة التي يشرف عليها مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، والتي تتركز على معالجة الجوانب الاقتصادية التي أنهكت ملايين السكان وشكلت واحدة من أبرز مظاهر الصراع والانقسام.
تثبيت هدنة
وأكد أحد المشاركين في المفاوضات عن المجتمع المدني، في تصريحات لـ «البيان»، أن النقاشات في هذه المرحلة تتركز على تثبيت الهدنة وتحويلها لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الفرق العسكرية عن الطرفين ناقشت مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي، آلية تفعيل الرقابة على وقف إطلاق النار، وتشكيل فرق عمل مشتركة تتولى معالجة أي خروق للهدنة، والتعامل السريع مع أي حادثة لتجنب أي تصعيد والالتزام بالهدنة. وأوضح أن القضايا الاقتصادية تشكّل المرحلة الثانية من النقاشات، بعد وضع آلية لتثبيت الهدنة ومراقبة الالتزام بها، بما يمكّن أطراف النزاع لاحقاً من الاتفاق على الترتيبات اللازمة لاستئناف المحادثات السياسية، والتوصل إلى اتفاق على إنهاء الحرب، وتشكيل سلطة انتقالية تقود البلاد إلى الاستقرار.