تسبب الانقلاب الحوثي في العام 2015 بتأثيـر سـلبي عميـق على موقـف الديـن العـام في اليمـن، حيـث توقفـت صـادرات النفـط على نطـاق واسـع، ممـا أدى إلـى انهيـار الإيـرادات العامـة، وتوقـف البنـوك وصناديـق التقاعد عـن شـراء أدوات الدين الحكوميـة.
ولتغطيـة النفقات تمت طباعـة كميـات هائلـة مـن الأوراق النقديـة الجديـدة، ممـا أدى إلـى انخفاض سـعر الصـرف وارتفـاع التضخـم، وتـآكل القـوة الشـرائية لـدى المسـتهلكين، وتدهور سـريع في مسـتويات المعيشـة.
لقد أصبحـت إدارة الديـن العـام منقسـمة بين إدارتـي البنك المركـزي اليمنـي في عـدن وصنعـاء، التابعتيـن للحكومـة اليمنيـة والحوثييـن، اللتيـن علقتـا سـداد التزامـات الديـون المحليـة والخارجيـة. وواجـه حملـة الدين العـام،حسب اقتصاديين، أزمة سـيولة نظراً لعجزهم عـن الحصول على مدفوعـات الفائـدة، ممـا قـوض قـدرة البنـوك على الوفـاء بالتزاماتهـا تجـاه العملاء، وهـدد ملاءتها المالية، في حيـن كافحت صناديق التقاعد لدفع رواتب المتقاعدين، كمـا تناقصـت القيمـة الحقيقيـة لأصـول الديـن العام، التي تـم اسـتثمارها في أذون وسـندات الخزانـة، بالتزامـن مـع الانهيـار الحـاد في قيمة الريـال، الـذي فاقم من صعوبـة الوفـاء بالتزامـات الديـون الخارجيـة القائمة.
وأوصت دراسة جاءت إثر نقاشات عقدها كبار الخبراء الاقتصاديين والمهنيين اليمنيين في منتدى رواد التنمية السابع (DCF)، بتنظيم من الوحدة الاقتصادية لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، كجزء من مبادرة إعادة تصور الاقتصاد اليمني بوضـع اسـتراتيجية لاحتواء تنامـي الديـن المحلـي، وللحـد مـن آثاره السـلبية على اسـتقرار الاقتصـاد الكلي بـتشـكيل لجنـة متخصصيـن مـن المالية العامة والسلطة النقدية وممثليـن عـن المؤسسـات الماليـة التابعـة للقطـاع الخـاص، لوضـع خطـة لمواجهـة أعبـاء خدمـة الديـن المحلـي، والحد مـن أي تدابيـر تضخميـة، إضافة إلى تحسين أداء البنـك المركـزي في عـدن ووزارة المالية فيها من مسـتوى التنسـيق والتكامل بين السياسـات المالية والنقديـة، وتقليل الحكومـة اليمنيـة مـن اعتمادهـا تدريجيـاً على تمويل البنـك المركزي (أي طباعـة الأوراق النقدية الجديـدة للموازنـة)، لأن ذلك سيُسـهم في زيادة مسـتوى التضخم، وانخفاض سـعر صـرف الريـال، والعديـد من المخاطـر على الاقتصـاد الكلي، إضافة لالتزام البنـك المركـزي في عـدن بالسـقف القانونـي المحـدد لتمويل عجز الحكومة المالي بشـكل مباشـر، من خلال السـحب على المكشـوف والبحـث عـن خيـارات بديلـة للديـن والإدارة على نحـو فعـال، لوضـع حـد لتفاقـم مديونيـة الحكومـة للبنـك بالسـحب على المكشـوف مع زيادة قدرة الحكومـة اليمنيـة الماليـة وتطويـر آليـات فعالـة لتحصيـل المـوارد العامـة المسـتحقة، واعتمـاد سياسـات تقشـفية صارمـة، للحـد مـن الإنفـاق العام المتكـرر وغيـر الضـروري، والسـعي لاسـتئناف إنتـاج وتصديـر النفط والغاز لتوليـد إيـرادات إضافيـة والمسـاهمة في تجنـب مزيـد مـن تراكـم أعبـاء تمويل الديـون التضخمية ومواصلة الحكومة استكشاف الخيارات المتاحة، لتخفيف أعباء خدمة الدين الخارجي من خلال التفاوض مع المقرضين الخارجيين حول إمكانية الإعفاء من الديون، أو السعي إلى إعادة هيكلة الديون لتنطوي على إطالة آجال الاستحقاق، أو خفض أسعار الفائدة، أو خفض القيمة الاسمية للديون القديمة.