خلفت سنوات من انقلاب الحوثيين على كل الاتفاقيات حالة من انعدام الثقة مع الأطراف السياسية اليمنية، حيث لا تزال حتى الآن، تشكل التحدي الأكبر أمام مسار السلام في البلاد، رغم ما تم إحرازه من تقدم في هذا الصدد، وتوافر عوامل نجاحه داخلياً وخارجياً.
ووفق مصادر قريبة من الاتصالات التي يجريها وسطاء، تحدثت إليهم «البيان».
فإن الأطراف المكونة للشرعية في اليمن، لا تستطيع الوثوق بتصريحات الحوثيين أو بمشاريع الاتفاقات التي تم التفاهم بشأنها معهم، لما لديها من مخزون متراكم من الاتفاقات التي انقلب عليها الحوثيون. في الجانب الآخر، يدرك الحوثيون أنهم «أقلية» لا يمكن لها، في أي مرحلة من مراحل التسوية، وما بعدها، التحكّم بمصير غالبية الشعب اليمني، الذي يختلف مع توجهاتهم.
فيما نقلت المصادر عن الوسطاء، تأكيدهم أن حالة انعدام الثقة هذه، عرقلت الكثير من الملفات، سواء فيما يخص فتح الطرقات بين المحافظات أو ملف الأسرى والمعتقلين، والكشف عن مصير بعض القيادات المختطفة من قبل الحوثيين، الأمر الذي تسبب في تأجيل عقد الجولة الثانية من المحادثات المتعقلة بالإفراج عن 1400 أسير من الطرفين.
ومن المرجح له أن يتسبب في عدم انعقادها بالموعد المقترح مطلع يونيو المقبل، بل ويضاعف من هذه الصعوبات الانقسام الكبير في المكونات السياسية، والتحديات الاقتصادية.
ويجزم الوسطاء، بحسب المصادر، أنه لمعالجة هذه العوامل يجب تضافر الجهود؛ لتحقيق حل دائم مرتكز على تفاهمات مقنعة للأطراف كافة حول آليات الحكم في اليمن، وتقاسم الموارد، مستفيدين من خفض التصعيد، والمناخ الإيجابي الداعم لمسار السلام، وصولاً إلى إعلان «انتهاء الحرب» بالكامل.
ومع ذلك، تجزم المصادر أن هناك تقدّماً هائلاً في هذا الجانب، حيث مرّ أكثر من عام على وقف القتال، رغم الخروقات، واستمرار الرحلات التجارية من صنعاء التي نقلت أكثر من 100 ألف مدني منها وحدها إلى جانب تدفق الوقود، وتخفيف القيود على التنقلات.
إلى جانب ذلك، يدعم المجتمع الدولي بقوة الجهود المبذولة، فيما يعمل عبر المبعوث الأممي وغيره من المبعوثين إلى اليمن من أجل إنجاز تسوية عادلة تؤدي إلى معالجة العملية السياسية، والوضع الإنساني الذي يواجه تحديات جسيمة في ظل انشغال العالم بالأزمات التي برزت، سواء على صعيد الحرب في أوكرانيا أو الأزمة في السودان، وغيرها من النزاعات التي أثرت بشكل كبير على حجم المساعدات التي كانت تقدم لليمن.