تتعمق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتخفت، تينع وتجف، غير أنها تظل واحدة من أهم العلاقات الثنائية على مستوى العالم، إذ إن الروابط بين الدولتين، أقوى وأعمق من أن تشوبها أزمة طارئة، قد تنشب بين الحين والآخر. مرد هذا أن التوتر بين واشنطن وتل أبيب (إن وجد)، يبقى، من الوجهة الأمريكية، مع الحكومة الإسرائيلية وليس مع إسرائيل كدولةً.

في الآونة الأخيرة، شاب العلاقة الأمريكية الإسرائيلية بعض الجفاف، وخصوصاً لجهة الاتصالات السياسية، وزيارات المسؤولين، ولكن العلاقة بين العاصمتين احتفظت بقوتها، وتم ردم الهوة العابرة سريعاً، وعادت المياه إلى مجاريها.

التزام صارم

في هذا الصدد، يقول الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن الشراكة الأمريكية الإسرائيلية تقوم على المصالح المشتركة، ويتشارك البلدان، والحكومتان، روابط خاصة. وأضاف «التزامنا بأمن إسرائيل بكل الأحوال أمر صارم».

توقعات المراقبين لهذا الشأن، لم تخرج في حينه، عن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في فترة قياسية، مرجحين عدم استمرار فتور العلاقات الباردة بين واشنطن وتل أبيب فترة طويلة، بحكم العلاقات الاستراتيجية التي تحكمهما. وبالفعل، عادت الوفود واللقاءات المتبادلة، وتم حل كل القضايا التي صدعت العلاقة الأمريكية الإسرائيلية بفعلها.

فلسطينياً، السياسيون لم يعولوا كثيراً على الخلاف الأمريكي الإسرائيلي، بحسبانه طارئاً، إذ أدرك الجميع أن التعويل على هكذا خلافات، غير مجدٍ، فصحيح أن هناك بعض المحللين ذهبوا لحد القول، إن الخلافات بين الإدارة الأمريكية ونظيرتها الإسرائيلية سوف تتعمق، وقد يصل الحد بواشنطن إلى تقليص دعمها لتل أبيب، أو عدم معارضتها أي قرار يدينها من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، غير أن آخرين رأوا في هذه الخلافات أنها (خلافات في حدود البيت الواحد)، وأنها مهما تعاظمت فمصيرها الحل.

تحالف استراتيجي

الخبير في العلاقات الدولية، بسام بحر، يصف العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بـ«علاقة تحالف استراتيجي»، لا يفكها توتر، أو خلاف طارئ. ومن هنا، فإن أي خلاف ينشب بين الحكومتين مآله الحل سريعاً، ولا يمكن التعويل بأن ينعكس ذلك إيجاباً على الفلسطينيين وقضيتهم، أو يؤثر في الموقف الأمريكي حيال ذلك.

ويصرح بحر لـ«البيان»، إسرائيل ترجمان «القوة الأمريكية» في منطقة الشرق الأوسط، ويبقى التعويل على تعمق الخلافات بينهما غير مجدٍ، وفي غير محله، فهناك دور خفي لتل أبيب، يخدم سياسة ومصالح واشنطن في الإقليم وهذا ما يدفع إلى تقييم العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بشكل دوري، في إجراء لا مفر منه، مع كل توتر يطفو على السطح.

من جانبها، ترى الباحثة في القضايا السياسية، أماني القرم، أن الخلافات بين واشنطن وتل أبيب، يمكن أن تنشأ، نتيجة خلافات حيال قضايا معينة، مثلما حدث إبان حكومتي (رونالد ريغين ومناحم بيغين)، و(بوش الأب وشامير)، غير أن العلاقات الثنائية «استمرت فوق الساسة والسياسة».

وفي حين استبعدت إعادة تقييم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في الوقت الراهن، عزت القرم اهتمام الخبراء والمراقبين، بأي توترات تحدث بين الجانبين، إلى الطبيعة الفريدة لهذه العلاقة، مبينةً أن أمريكا لن تتخلى عن دعمها لإسرائيل، باحتساب الأخيرة تحتل أولوية كبرى لدى صناع السياسة في البيت الأبيض، والكونغرس، لكونها أحد الأهداف الاستراتيجية في خطة الأمن القومي الأمريكي.

أما القيادي الفلسطيني، نبيل عمرو، فيقول لـ«البيان»، إن اختلاف الإدارات بين واشنطن وتل أبيب، أمر عادي ولكن، من غير المسموح لأي اختلاف المساس بأسس العلاقة الاستراتيجية بين الدولتين. ويتابع «هذا ما يواصل الطرفان الأمريكي والإسرائيلي تأكيده، وهو الأصدق في كل ما ذهب إليه المحللون والمراقبون».