واصلت الغارات الإسرائيلية، المستمرة منذ 27 يوماً دون انقطاع، تركيز استهدافها، لليوم الثالث على التوالي، على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في قطاع غزة، عبر قصف عشوائي، طال أمس، بعد مخيم «جباليا» للاجئين، مربعاً سكنياً في مخيم «البريج»، وسط القطاع، وقصفاً آخر بقنابل الفسفور الأبيض على محيط مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» غربي غزة.
فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس، أن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين تجاوز حاجز الـ9 آلاف. كما شهدت منطقة تل الهوى، غربي مدينة غزة، قصفاً كثيفاً عبر مسلسل من الأحزمة النارية، حال دون وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة المستهدفة؛ نظراً لزخم واستمرارية الغارات، ولم يتسن معرفة أعداد ضحايا القصف.
وبحسب ما أوردت وكالات أنباء، التي نقلت عن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، خلال مؤتمر صحافي، حديثه حول ارتفاع حصيلة القتلى خلال حرب غزة، إلى 9061 قتيلاً، منهم: 3760 طفلاً، و2326 امرأة.
وأضاف القدرة إن عدد المصابين ارتفع إلى 32 ألفاً منذ بدء إسرائيل هجماتها على القطاع، مع تواصل غاراتها الجوية على مناطق متفرقة من القطاع. بينما نددت الأمم المتحدة بالضربات الإسرائيلية، واعتبرتها أنها «يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب».
اكتظاظ سكاني
وتفصيلاً، أوردت وكالات أنباء، أمس، مقتل وفقدان عشرات المدنيين الفلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم «البريج»، وسط قطاع غزة، حيث انتشل مسعفون، وعمال إنقاذ، 15 قتيلاً. وبحسب المسعفين، فإنهم أبلغوا بوجود عدد كبير تحت الأنقاض إثر تدمير عدة منازل متلاصقة مأهولة في المخيم المكتظ بالسكان.
وأفاد صحافيون في وكالة «فرانس برس» عن دمار كبير لحق بالمخيم، حيث يعمل البعض على إزالة الأنقاض بحثاً عن ناجين. وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 27 مدنياً؛ جراء قصف إسرائيلي وإلقاء قنابل الفسفور الأبيض على مدرسة تابعة لـ«أونروا» في القطاع.
صدمة أممية
في الأثناء، أعرب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «شعوره بالصدمة» إزاء القصف الإسرائيلي، لليوم الثاني على التوالي على مخيم جباليا، الذي يؤوي 116 ألف لاجئ في شمال قطاع غزة. كما اعتبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن القصف الإسرائيلي لمخيم جباليا «قد يرقى إلى جرائم حرب» على ضوء «العدد الكبير من الضحايا المدنيين وحجم الدمار».
وكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان على منصة «إكس»: «نظراً للعدد الكبير من الضحايا المدنيين، وحجم الدمار في أعقاب الضربات الجوية الإسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين، لدينا مخاوف جدية من أن تكون هذه هجمات غير متناسبة يمكن أن تصل إلى مستوى جرائم حرب».
وفي هذا الصدد، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بأن الجيش الإسرائيلي أسقط 10 آلاف قنبلة منذ بدء هجماته على قطاع غزة، وسط تقديرات بأن كمية المتفجرات الملقاة تتجاوز 25 ألف طن، ما يعني نحو 70 طناً لكل كيلومتر مربع.
تصفية
وأعلن الجيش الإسرائيلي «تصفية قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في حركة حماس»، في ضربة لم يحدد مكانها.
إلى ذلك، صرح الهلال الأحمر الفلسطيني، إن دوي انفجارات سمع في ساعات الصباح الأولى أمس في محيط مستشفى القدس بمدينة غزة. إذ سبق أن أبلغت السلطات الإسرائيلية المستشفى بضرورة الإخلاء على الفور، وهو ما يقول مسؤولون أمميون، إنه أمر يستحيل القيام به دون تعريض المرضى للخطر.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«الانتصار» على «حماس»، فيما حذر وزير دفاعه، يوآف غالانت، بأن «حماس» أمام خيارين لا ثالث لهما، إما «الموت أو الاستسلام دون شروط».
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيشت، إن «الشعب الفلسطيني يستحق السلام والأمن. عوضاً عن ذلك، يتم استخدامه دروعاً بشرية». وصرح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال هرتسي هاليفي، في بيان، بثه التلفزيون، إن القوات الجوية الإسرائيلية تستخدم أقل من نصف قدراتها في الحرب على غزة.
حصار وتطويق
وعلى الأرض، دارت معارك عنيفة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي شمالي القطاع، حيث يشن الجيش الإسرائيلي توغلاً برياً، ودارت اشتباكات من المسافة صفر بين الجانبين، على محورين، الأول: محور شمالي غربي، على مقربة من مخيم «الشاطئ»، وآخر جنوبي غربي لمدينة غزة، لمحاولة إطباق الحصار وتطويق المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي.