يبدو أن قرار مجلس الأمن الدولي المنادي بوقف إطلاق النار في غزة أصبح لا فائدة له ولا أثر طالما لم ينفذ على الأرض، وحتى لو تم التوصل إلى هدنة ثانية للحرب، فإنها سوف تنتهي، لنعود إلى الحرب ثانية، ويعود سفك الدماء والدمار لأحياء بأكملها، وتشريد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ويغيب السلام بكل احتمالاته.
في 24 نوفمبر الماضي، وبعد 49 يوماً من الحرب، خرج أبناء غزة الجريحة من بيوتهم، لتفقد أحوالهم، وكانت مشاهد الآلاف منهم وهم يجوبون الشوارع المدمرة مثيرة للغاية، لكن الهدنة القصيرة التي تم الاتفاق عليها وتم خلالها الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، وإدخال مجموعة من المواد الغذائية وكمية من الوقود، سرعان ما انقضت، ولم تكن سوى وسيلة لتبادل الأسرى، ولم تشكل فرصة جدية لتحقيق السلام والاستقرار، واستؤنفت الحرب واستمرت، وها هي توشك على نهاية نصف العام.
في هذا الإطار، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، أن الهدنة الإنسانية حتى لو تحققت بفعل الجهود السياسية الجارية، فهي غير كافية، فالمطلوب هو وقف الحرب بشكل كامل.
وقال أبو يوسف في تصريحات خاصة لـ«البيان» إنه من غير المعقول أن يبقى قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف فوري للحرب، دون تنفيذ، مبيناً أن عدم الالتزام به يتعارض والجهود العالمية والأممية لترسيخ حل الدولتين الذي يضمن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
وأضاف: «تسعى إسرائيل لخلق بيئة طاردة في قطاع غزة، من خلال تدمير المنازل والمستشفيات وحتى مراكز الإيواء، ومواصلة الحرب، ما يبقي مخاطر التهجير قائمة، ونحن نعمل مع الشركاء العرب والإقليميين والدوليين بشكل أساسي لوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وتسريع وتيرة إدخال المساعدات الإغاثية واللوازم الطبية للسكان من خلال فتح كل المعابر مع قطاع غزة، ومنع تهجير الفلسطينيين سواء كان إلى مصر أو الأردن أو أي مكان في العالم، وبالتالي نحن لا نبحث عن هدنة، إلا إذا كانت مقدمة لوقف الحرب بشكل كامل».
جهود دبلوماسية
بدوره، أشاد وزير التنمية الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني بالجهود الدبلوماسية المبذولة لتطويق الحرب، محذراً في الوقت ذاته من عرقلة هذه الجهود، خصوصاً وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يصر على ضرب المساعي الدبلوماسية بعرض الحائط (وفق قوله) متجاهلاً وجود الشعب الفلسطيني، وملوحاً بأن السيطرة على قطاع غزة لن تكون إلا إسرائيلية، الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون.
وأوضح مجدلاني لـ«البيان»: «القيادة الفلسطينية، تواصل مباحثاتها ومشاوراتها مع الأشقاء العرب والشركاء في الإقليم والعالم، لتكثيف الجهود المشتركة لوقف الحرب، وفتح المعابر مع قطاع غزة لإدخال المساعدات الإنسانية للسكان الجوعى، وفتح أفق سياسي، يعيد الاعتبار للحل السلمي وفقاً لـ«الدولتين» وهذه أولويات فلسطينية».
وأتم الوزير الفلسطيني: «لا نريد أن تبقى الأوضاع عرضة للانفجار في كل عام مرة أو مرتين، كما هو حاصل منذ العام 2000 وحتى يومنا هذا، مطالبنا أيدها العالم، وصدرت بحقها القرارات الأممية، وهي قائمة على الشرعية الدولية، نريد وقف الحرب، فالهدنة غير كافية أبداً».
ومن وجهة نظر مراقبين، فإن الهدنة تكشف فقط عن مزيد من الفظائع التي خلفتها الحرب، وإن كان في ظاهرها إغاثة المواطنين في غزة، فوقف إطلاق النار لا معنى له دون فتح المعابر، ووقف حرب المجاعة، الأشد فتكاً وخطورة.