في قطاع غزة، تتواصل الحرب بوتيرة أكثر عنفاً، مع تخطي حاجز الثمانية أشهر، وتفشي المجاعة واشتداد الحصار وزيادة المعاناة، غير أن المشهد بدا ملتهباً مع دخول فصل الصيف، والارتفاع الكبير في درجات الحرارة، ما أدى إلى تغيير واضح في لون بشرة النازحين، بفعل التعرض المباشر لأشعة الشمس، وسط تحذيرات من أمراض خطيرة، نتيجة لذلك.
وبات أثر شمس يونيو الحارقة واضحاً على وجوه النازحين من كلا الجنسين ومختلف الأعمار، إذ اصطبغ لون بشرة غالبيتهم باللون الأسود، لدرجة بدا بعضهم وكأنه تعرض للإصابة بحروق، واللافت أن صغار السن، هم الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة.
يقول علي عبد ربه، إنه بعد قرابة الشهرين على نزوحه من مخيم جباليا، والتعرض المباشر للشمس، في رحلة البحث عن الماء والغذاء، علاوة على الحرارة المرتفعة داخل الخيام، تغير لون بشرة كل أفراد عائلته، وتغيرت أشكالهم، إذ باتوا أقرب إلى سكان المناطق الحارة، وفق تعبيره.
ويضيف: «لم نشأ النزوح في بداية الحرب، وفضلنا البقاء في المخيم أطول فترة ممكنة، لكن الأحداث الصعبة التي شهدها المخيم في أبريل الماضي أجبرتنا على النزوح أخيراً، لتبدأ فصول المعاناة، ما بين البحث عن الطعام، والنزوح من مكان إلى آخر، واقمنا خيمتنا في منطقة مواصي خان يونس على أمل أن تكون محطة قصيرة، لكن ها قد أدركنا فصل الصيف، وباتت أشعة الشمس تلسع أجسادنا».
وحسب النازحة سعاد القانوع، فإن ظاهرة تغيير لون البشرة في صفوف النازحين، انتشرت بسرعة مع توالي ارتفاع درجات الحرارة، لكن الأشد خطورة هو التعرض لضربات الشمس، وظهور بعض الأمراض الجلدية، نتيجة للحروق في الوجوه والأيدي، ما يؤشر على تداعيات صحية خطيرة.
وفي الأثناء توالت تحذيرات الأطباء من التعرض المستمر لأشعة الشمس في ظل الأجواء الحارة وغير الاعتيادية التي يشهدها قطاع غزة هذه الأيام، لما لذلك من آثار كارثية وفق قولهم، ومنها الإصابة بالأمراض الجلدية، وفي مقدمتها سرطان الجلد والأكزيما.
وما يزيد الطين بلة، أن غالبية النازحين يضطرون أحياناً للخروج في ساعات الذروة (وقت الظهيرة) للبحث عن الطعام أو الماء، ما يجعلهم عرضة للشمس اللاهبة، كما لا تتوفر لديهم القبعات أو الكريمات اللازمة (واقي الشمس) لتقليل الأضرار، ولا يتوفر الماء لغسل الوجه، ما يبقيهم في دائرة الخطر في أوقات خروجهم من الخيام، الملتهبة أصلاً.
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حذر من أن حياة النازحين في قطاع غزة، تشهد تفاقماً خطيراً مع دخول فصل الصيف، والارتفاع المتسارع على درجات الحرارة، وما يخلفه ذلك من طقس جاف ورطوبة عالية، ما ينذر بانتشار سريع للأوبئة والأمراض، وربما ارتفاع عدد الوفيات نتيجة لذلك.
ونبه إلى أن الأوضاع البائسة والاكتظاظ الشديد في مراكز الإيواء والنزوح، سوف تزداد قساوة، نتيجة لانعدام أدنى مقومات الحياة، فضلاً عن تأثيرات سوء التغذية والجفاف الناتج عن النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب، الأمر الذي يهدد حياة النازحين.
تحذير
حذرت منظمة الصحة العالمية من أن درجات الحرارة المرتفعة في قطاع غزة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية التي يواجهها النازحون الفلسطينيون. كما حذر برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة من أن أزمة صحة عامة هائلة، تلوح في الأفق في غزة بسبب نقص المياه النظيفة والغذاء والإمدادات الطبية.
في غضون ذلك، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن مئات الآلاف من النازحين بجنوب غزة يعانون من ضعف الوصول إلى المأوى ويفتقرون للرعاية الصحية والغذاء والمياه والصرف الصحي.