جريمة اغتيال السفير الإيطالي بجمهورية الكونغو الديمقراطية كينشاسا لوكا أتانازيو، ومقتل شخصين في موكبه بهجوم مسلّح، ليست معزولة عن السياق العنفي الذي تشهده هذه الدولة الأفريقية. الهجوم استهدف هذه المرة موكب برنامج الأغذية العالمي في شمال غوما، مركز إقليم شمال كيفو الذي يتعرض مراراً لأعمال عنف تنفّذها مجموعات مسلحة منذ أكثر من 25 عاماً.



هذه المنطقة تضمّ حديقة فيرونغا الوطنية، وهي محمية طبيعية سياحية مهدّدة، وتشهد أيضاً على النزاعات التي تدور في منطقة شمال كيفو، حيث تتنازع الجماعات المسلّحة السيطرة على موارد الأرض، حسبما نقل موقع «فرانس 24» عن مسؤولين محليين.



لم تتبن أية مجموعة بعد هذا الهجوم، لكن مراقبين أكدوا أن تنظيم داعش الإرهابي ينشط بشكل كبير في الكونغو الديمقراطية، التي تعد ثاني أكبر بلد إفريقي مساحة بعد الجزائر، حيث أعلن هذا التنظيم عن نفسه عبر هجوم شنه في أبريل 2019، على قرية حدودية مع الجارة الشرقية أوغندا، وقتل 8 من أفراد الشرطة.



وفي أكتوبر الماضي، هاجم التنظيم سجناً كبيراً شمال شرقي البلاد، وتمكن من إطلاق سراح 1300 سجين، مئات منهم من المتشددين.



ولم يتمكن «داعش» من الاستيلاء على بلدات مهمة في الكونغو الديمقراطية، لكنه شن هجمات متفرقة على مناطق شرقي البلاد، تنتشر فيها 12 جماعة مسلّحة أخرى.



جماعات متشددة



ووفق تقرير في موقع «مصر العربية»، فإن جماعات متشددة عدة تنشط في الكونغو، أبرزها جماعة «تعاونية تنمية الكونغو» أو «كوديكو». وفي خضم انشغال العالم بالحرب على المجموعات المتطرفة في منطقة الساحل الإفريقي، برز فرع جديد لتنظيم «داعش» في الكونغو وبعض البلدان المجاورة لها.



مقتل دبلوماسي تابع للأمم المتحدة داخل الكونغو، ربما يضع البلد الإفريقي أمام كارثة كبيرة. فالكونغو، ذلك البلد الغني بالثروات الطبيعية، يعد من أفقر بلدان إفريقيا، لذلك توصف العاصمة كينشاسا بأرض الثراء وبلد الفقراء. وتعتبر الكونغو من أغنى بلدان القارة الأفريقية بالمعادن المتنوعة، وقد أدى البحث عن المعادن إلى نشوب صراعات بين المتمردين والجيش خلفت ما يربو على خمسة ملايين قتيل في العقد الماضي.



في 18 فبراير الماضي، حذر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من تعرض حياة ومستقبل أكثر من ثلاثة ملايين طفل نازح في الكونغو الديمقراطية للخطر. وأفاد التقرير بأن سلسلة هجمات مروعة، شرق البلاد، شنها مقاتلون باستخدام المناجل والأسلحة الثقيلة، أجبرت مجتمعات بأسرها على الفرار بأقل المقتنيات. وقال إن أفراد أسر بأكملها، ومنهم أطفال، قتلوا بطرق بشعة، كما نُهبت المراكز الصحية والمدارس وأُحرقت القرى.



وتقول «اليونيسيف» إن الوضع ما زال متقلباً، وإن الجيش الكونغولي يحاول التصدي للجماعات المسلّحة وفرض سيطرته.



فظائع مستمرة



وقبل تقرير اليونيسيف بيومين، أبدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين القلق بشأن الفظائع المستمرة المرتكبة من قبل جماعات مسلّحة شرقي الكونغو الديمقراطية، والتي أصبحت جزءاً من نمط منهجي لبث الخوف بين المدنيين ونشر الفوضى.



وقال بابار بالوش المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين إن شركاء المفوضية سجلوا، عام 2020، مقتل أكثر من 200 شخص، وهو رقم قياسي، في المقاطعات الثلاث الشرقية: إيتوري وكيفو الشمالية وكيفو الجنوبية. ونُسبت الغالبية العظمى من تلك الهجمات إلى جماعات مسلحة.