سطر رئيس هايتي جوفنيل مويز الذي اغتيل الأربعاء في بلده الكاريبيّ المأزوم، مسيرة ناجحة في عالم الأعمال قبل رئاسته البلاد في ولاية تراجعت خلالها شعبيته وطالته انتقادات واسعة النطاق.
فاز بمنصب الرئيس عام 2016 في انتخابات شهدت اضطرابات رغم أنّه كان مجهولا لدى الرأي العام في ربيع العام السابق إبّان دخوله الساحة السياسية.
لكنّ حياته انتهت عن عمر 53 عاما على إثر هجوم على مقر إقامته، وكان في ختامها قد عانى من عزلة شديدة في ظلّ تعليق عمل البرلمان في البلاد والحكم بإصدار المراسيم.
وقد أخفق الأب لطفلين في وقف دوامة العنف التي سادت بلاده الأفقر في القارة الأمريكية.
يتحدّر الرئيس المولود في منطقة "ترو-دو-نور" في شمال شرق البلاد، من أسرة متواضعة جمعها والد ميكانيكي ومزارع وأمّ تمتهن الخياطة وأعمال التجارة، وتابع تعليمه العالي في كلية علوم التربية في جامعة كيسكيا في هايتي.
استقرت عائلته في العاصمة بور-او-برنس عام 1974. ولاحقا في عام 1996 اقترن بمارتين صديقته في المدرسة ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه حالماً بجعل هايتي بلدا "زراعيا بالأساس" من خلال تنمية المناطق الداخلية.
وتفيد سيرته المنشورة على موقعه الالكتروني بأنّه أرسى تجارة في قطع غيار السيارات وزرع أول حقل موز يمتد على مساحة 10 هكتارات مستفيدا من صناديق خاصة للاستثمار.
وآخر حقول موز أقامها تعدّ الأكبر على مستوى هايتي، بمساحة توازي الالف هكتار. ولهذا اعطي لقب "رجل الموز" إثر دخوله سباق الانتخابات الرئاسية.
قاده وعيه بأهمية توفير مياه الشرب إلى التعاون مع مجموعة كاليغن، وفتح في عام 2001 منشأة لتوزيع المياه في مناطق الشمال الشرقي والشمال الغربي. ثم اهتم بتوفير الكهرباء في الداخل، وأنشأ عام 2008 شركة مختصة برفقة شركاء.
وفي عام 2012، أرسى اول منطقة زراعية حرة في هايتي حيث أنشأ مجموعته "اغريتان" مستفيدا من قرض تشاركي بقيمة ستة ملايين دولار حصل عليه في عهد سلفه ميشال مارتيلي.
ويلفت موقع مويز الى أن تلك الخطة اتاحت تطوير عشرات المشاريع الزراعية و"خلق نحو 3 آلاف فرصة عمل مباشرة و10 الاف فرصة عمل غير مباشرة".
أقلية ميسورة
يعود الفضل بدخوله القوي إلى الحلبة السياسية إلى الرئيس السابق مارتيلي الذي اختاره عام 2015 ليمثّل حزبهما "تت كالي" في ظل عجزه عن الترشح لولاية ثانية.
شرع في حينه في حملة انتخابية نشطة للغاية، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي إذ كانت الطبقة السياسية التقليدية لا تزال مهيمنة، مرتكزا على تمويل وفّرته المصانع الكبرى وأفراد النخبة الاقتصادية، وهي نفس الأقلية الميسورة التي كانت محيطة بمارتيلي.
وسعى جوفنيل مويز إلى تصحيح أوضاع دولته التي يستشري فيها الفساد. وسرعان ما لاحقت بعض معاونيه شبهات باختلاس اموال عامة.
ومع مرور الأعوام وتوالي التحقيقات البرلمانية وتحقيقات اخرى اجرتها منظمات غير حكومية أو ديوان المحاسبة، ظلّ الفساد ينخر مؤسسات الدولة الهايتية رغم سلسلة اقالات طالت وزراء وموظفين كبارا.
وعلى غرار جزء كبير من الطبقة السياسية، بما في ذلك من كانوا قبل توليه الحكم، واجه مويز صعوبة في كشف الآلية التي جرى من خلالها استخدام قرض ممنوح في إطار مشروع بتروكاريب الذي أرساه الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز متيحاً لعدد من دول اميركا اللاتينية والكاريبي الحصول على منتجات نفطية بكلفة مخفضة.
وكان جوفنيل مويز عيّن طوال أربعة أعوام سبعة رؤساء وزراء، كما أنّه أخفق في قيادة تعديل دستوري ما اثار انتقادات بحقه حتى داخل فريقه.
وقبل مقتله، كانت مسألة خلافية تتجاذب القوى في هايتي، فهو كان يعتبر أنّ ولايته تنتهي في السابع من فبراير 2022 فيما تدّعي المعارضة وجزء من المجتمع المدني أنّها انتهت في السابع من فبراير 2021. ويعود هذا الخلاف الى أن مويز فاز بداية في اقتراع جرى الغاؤه بسبب عمليات تزوير وأعيد انتخابه رئيسا بعد عام.