حين طرح الرئيس الأمريكي جو بايدن فكرة خوض مناظرة مبكرة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، كان يعتقد أن يستهدف الفئة المترددة ويحسم تقارب الاستطلاعات لصالحه، لكن ما حدث ليلة أمس بدد كل الآمال للحزب الديمقراطي الذي يواجه بالفعل كارثة وفق إجماع عدد من خبراء السياسة والمحللين الأمريكيين الذي استطلعت شبكة "سي إن إن" آراءهم بعد انتهاء المناظرة مباشرة.

بايدن خيب الأمل

آنا ماري كوكس، صحفية سياسية وكاتبة، قالت لـ "سي إن إن" إن شاشة المناظرة قدمت رجلًا (ترامب) منخرطًا تمامًا في الصراع من اجل حياته السياسية - مهاجمًا وشريرًا - ورجلًا آخر (بايدن) لا يبدو في بعض الأحيان أنه متأكد من مكان وجوده. مع الكلمات غير المترابطة الأولى للرئيس جو بايدن، بدا لي أن تفادي ضربة ثانية من ترامب في الفوز بالرئاسة أقرب للاستحالة. لقد خيب بايدن أدنى توقعاتنا. أداءه تجاوز أسوأ ما كنا نتوقعه.

الفوز هو الانتقام!

شيرميكل سينجلتون هو معلق سياسي في شبكة CNN، عمل في ثلاث حملات رئاسية للحزب الجمهوري، يعتبر أن ترامب اجتاز الاختبار الأكثر أهمية، وأثبت أنه قادر على الارتقاء إلى مستوى الحدث. فمن تركيزه على معالجة التكاليف المرتفعة، التي تعيق أفراد الطبقة العاملة وأسرهم، إلى تصريحاته الواضحة حول الرغبة في تجنب الصراعات الخارجية الطويلة والمكلفة، ربما يكون ترامب قد أعطى الجمهوريين المتشككين والناخبين المتأرجحين سببا لإعادة النظر في دعمه.

عندما سُئل عن تصريحاته السابقة بشأن الانتقام من خصومه السياسيين إذا أعيد انتخابه، أجاب بأن نجاحه سيكون بمثابة انتقامه، وهي خطوة ذكية من الناحية التكتيكية لتحويل التركيز من نفسه إلى ما سيقدمه للشعب الأمريكي.

يهمس في الحرب!

بول بيجالا، استراتيجي ديمقراطي، وعمل مستشارًا سياسيًا لحملة بيل كلينتون الرئاسية في عام 1992، كشف في تصريح لـ "سي إن إن" أن الكلمات الأولى التي تلقاها من كبار الديمقراطيين في بداية المناظرة تعليقاً على أداء بايدن: "كارثة، " "نكبة"، "انهيار"، "لا يصلح للرئاسة".

تدور المناقشات دائمًا حول الشكل أكثر من الجوهر، وكان أسلوب الرئيس جو بايدن فظيعًا.

بدأت دعوات المطالبة بتنحي بايدن، ولو بشكل خاص، قبل انتهاء المناظرة. سوف تتصاعد في الأيام المقبلة. ويرى معظم الديمقراطيين – وعدد كبير من المستقلين والجمهوريين – أن ترامب يمثل تهديدًا للديمقراطية. إنهم بحاجة إلى محارب، وليس متلعثماً يهمس في الحرب.

يضيف بول بيجالا: إذا كان بايدن يعتقد أنه واجه ليلة صعبة في المناظرة، فهو لم ير شيئًا بعد. وستكون هناك موجة من المطالبات له بالتنحي. وهو على وشك مواجهة مشاكل حقيقية مع الديمقراطيين.

الصورة البصرية

في السياق، يقول جيف يانج، إعلامي وكاتب:  لم تكن الحقائق العقلانية التي قدمها بايدن بشكل ضعيف تضاهي أكاذيب ترامب القوية. أهم مافي المناظرة هي الصورة البصرية وقد خسرها بايدن. كيف دعمت اللقطات الخطوط العريضة التي كانت كل حملة تحاول إظهارها؟ هل ظهر الرئيس جو بايدن كزعيم أم خاسر؟ هل ظهر ترامب كمسيح أم مجنون؟

على الرغم من كل خطاباته الجامحة التي يسهل اختراقها، حافظ ترامب على هدوء أعصابه، وتحدث بصوت عالٍ وبقوة في تصريحات بسيطة، مطلقًا تأكيدات عنصرية فالمهاجرون يأتون إلى أمريكا لأخذ وظائف من السود حسب ادعائه.

ذعر ديمقراطي

ديفيد مارك، صحفي وكاتب سياسي، أكد أنه من المرجح أن يشعر بعض الديمقراطيين بالذعر بشأن فرصهم، حيث يتحدثون عن الحاجة إلى مرشح بديل. لكن ليس هناك الكثير مما يمكنهم فعله حيال ذلك ما لم يوافق بايدن الذي لم يظهر حتى الآن أي استعداد حتى للتفكير في الانسحاب من السباق للسماح لمرشح ديمقراطي أصغر سنا وأكثر نشاطا بالتقدم.

لكن، حتى لو تمكن الديمقراطيون من إقناع بايدن بالتنحي، فهناك مشكلة نائبة الرئيس كامالا هاريس. لقد أثبتت هاريس باستمرار أنها لا تحظى بشعبية لدى الجمهور، لدرجة أنها كانت بمثابة كيس ملاكمة خطابي في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري. لذا، فإن الديمقراطيين عالقون فعليا مع بايدن.

أسوأ رئيس في التاريخ

روكسان جونز، الرئيس التنفيذي لمجموعة Push Marketing Group، ومؤلفة ومنتجة، تقول إنه ربما تحدث ترامب بصوت أعلى من بايدن لكن لم يقدم أي من المرشحين حجة مقنعة حول كيفية دفع بلادنا إلى الأمام، وتحسين الاقتصاد، وجعل الحياة أفضل لمعظم الأميركيين. كانت مناقشة الليلة الماضية بمثابة كارثة. لم يفز أحد، وخاصة الشعب الأمريكي. وفي كل الأحوال على الديمقراطيين أن يشعروا بالقلق أكثر.

لانهي ج. تشين، الأستاذ في معهد هوفر، ومستشار لعدد من الحملات الرئاسية، يتفق مع روكسان جونز، حول خسارة كلا الطرفين للمناظرة. فقد كان هناك الكثير من المناقشات حول من هو "أسوأ رئيس في التاريخ"، وكانت المناظرة فرصة ضائعة لكلا المرشحين بهذا المعنى.