بعد 14 عاماً من حكم حزب المحافظين، تولى حزب العمال، بقيادة كير ستارمر، أخيراً، مقاليد الحكم في بريطانيا، في تحول سياسي يعكس رغبة الشعب في التغيير والإصلاح، بعد سلسلة من الأزمات التي تعرضت لها البلاد، ووسط تعويل على تغيير مأمول لن يكون سريعاً على عديد من الأصعدة.
ويأتي هذا التحول في وقت حرج، تمر فيه البلاد بسلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب استجابة فورية وفعالة. ويواجه حزب العمال في ولايته الأولى، بعد غياب 14 عاماً، وبعد 5 رؤساء وزارة من المحافظين (ديفيد كاميرون، وتيريزا ماي، وبوريس جونسون، وليز تراس، وريشي سوناك)، تحديات ضخمة وإرثاً ثقيلاً، بما في ذلك تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
والتي تعزز ارتفاع تكلفة المعيشة، كأكبر المشاكل التي تؤرق البريطانيين، حيث أصبحت الأسعار المرتفعة تشكل عبئاً كبيراً على الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل، علاوة على ذلك، تأتي أزمة الطاقة التي تؤثر بشكل مباشر في الشركات والمنازل، ما يزيد من ضغوط الحياة اليومية.
وإلى جانب التحديات الداخلية، تواجه بريطانيا وضعاً إقليمياً ودولياً معقداً. كذلك، فإن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تشكل ملفاً حساساً، خصوصاً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد في عهد المحافظين، وفق أستاذ العلوم السياسية بالقاهرة، الدكتور طارق فهمي.
وعلى الصعيد الدولي، تتطلب الأزمات الجيوسياسية والحروب التجارية اهتماماً خاصاً من حكومة ستارمر. كذلك فإن السياسة الخارجية لبريطانيا، تحتاج إلى إعادة توجيه، بما يتناسب مع التغيرات العالمية، ومعالجة التحديات الأمنية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وفاتورتها، مع تأكيداته على دعم كييف.
ملفات رئيسة
ويشير فهمي إلى التساؤلات المرتبطة بمدى نجاح حزب العمال في تطبيق سياسات مغايرة لما كان يتبعه سلفه حزب المحافظين.
مشدداً على أن التعامل مع ملف «العلاقة مع الاتحاد الأوروبي»، سيكون من بين الملفات الرئيسة، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ذلك، يلفت إلى الملفات الاقتصادية الحرجة، مثل سياسة الضرائب، وكيفية تمويل الحزب لسياساته. ومهمة تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية، أمور تتطلب استراتيجية واضحة وإجراءات فعالة.
ويقلل الباحث في العلاقات الدولية، د.أيمن سمير، من حجم التعويل على حزب العمال في إحداث الكثير من التطلعات على المدى القصير، ذلك مع تعدد المشكلات والضغوطات التي تواجهها البلاد.
فترات طويلة
ومن ثم فإن «التعامل مع هذه المشاكل يحتاج لفترات طويلة»، وهو ما أكد عليه ستارمر في أول خطاب له، بعد توليه رئاسة الوزراء، أخيراً، عندما وصف التغيير بأنه ليس كضغطة زر أو مفتاح، لكنه قال إن التغيير بدأ وسيستغرق وقتاً.
ووفق سمير، فإن التعامل مع الأزمات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، يتطلب وقتاً طويلاً.