أدت مقاطعة كورسك أوبلاست، وعاصمتها مدينة كورسك، طيلة تاريخها دور الحصن الروسي في وجه الهجمات القادمة من الغرب الأوروبي والجنوب المغولي منذ أن ذكرت لأول مرة في التاريخ عام 1032م. فقد أتاح لها موقعها الحدودي تاريخياً غرب الإمبراطورية الروسية، كما اليوم، أن تكون أول عقبة كبيرة أمام الغزاة، وأيضاً أول مدينة تسقط في حال نجح أي غزو أجنبي.

وتتعرض مقاطعة كورسك لهجوم أوكراني منذ أيام ضمن تداعيات الحرب المندلعة بين البلدين منذ فبراير 2022. فهي ما زالت، ممثلة بالعاصمة كورسك، "الحصن الأول" في طريق الحرب القادمة من الغرب كما كانت طيلة التاريخ. تقع على طول نهر سيم، على بعد 450 كم جنوب موسكو.

وفق المعلومات المنشورة في الموسوعة البريطانية (إنسكلوبيديا)، فقد دمرها المغول بالكامل في عام 1240م، ولم يتم إعادة بنائها حتى عام 1586، عندما أصبحت موقعاً عسكرياً لحماية روسيا. تعرضت المدينة في بداية القرن الـ 17 إلى هجمات عديدة من قبل القوات البولندية – الليتوانية وتتار القرم إلا أن المدينة صمدت، لكنها فقدت الكثير من أهميتها عندما تم توسيع الحدود الروسية إلى الجنوب ولم تعد منطقة حدودية.

في الحرب العالمية الثانية دارت معارك ضارية حول كورسك وتضررت المدينة بشدة؛ انتهت معركة كورسك في يوليو وأغسطس 1943، وهي أكبر معركة دبابات في التاريخ، بهزيمة الألمان. حيث شارك فيها حوالي 6000 دبابة ومليوني جندي و4000 طائرة. وقد شكلت هذه المعركة النهاية الحاسمة للقدرة الهجومية الألمانية على الجبهة الشرقية، وأفسحت الطريق للهجمات السوفييتية الكبرى في عامي 1944 و1945. ويحرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على زيارة كورسك سنوياً لإحياء ذكرى الانتصار في المعركة بتاريخ 23 أغسطس من كل عام. ونظراً لما قدمته من تضحيات خلال الحرب منحت لقب مدينة المجد العسكري عام 2007.

والمدينة مركز صناعي متقدم، تشمل صناعات بناء الآلات وتجهيز الأغذية وتصنيع المعدات الإلكترونية والألياف الاصطناعية. تم الانتهاء من بناء محطة طاقة نووية كبيرة في عام 1979. يوجد بالمدينة معاهد طبية وزراعية وتدريب المعلمين. يبلغ عدد سكان المدينة نحو نصف مليون نسمة، أما المقاطعة فبلغ السكان أكثر من مليون نسمة. كما تضم عدداً من المراكز التعليمية والمهنية، وتعد عاصمة اقتصادية ليس فقط في غرب روسيا إنما بالنسبة لمدن شرق أوكرانيا أيضاً والواقعة تحت سيطرة القوات الموالية لروسيا.

 في ذكرى المعركة عام 2018، وضع بوتين الزهور على نصب الجندي المجهول في كورسك، وخاطب في المناسبة مجموعة من الناشطين يهتمون بالعثور على رفات الجنود السوفييت الذين سقطوا في المعركة. وقال بوتين: "ما زلنا نعرف فقط أسماء نصف الجنود الذين ضحوا بأرواحهم".

فهل ستشهد كورسك معركة فاصلة أخرى في الحرب الحالية؟