جاء انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من سباق الترشح لولاية ثانية، ليفتح الباب لنائبته كامالا هاريس لخوض المعركة الانتخابية أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب، باعثاً الأمل لدى الديموقراطيين من جديد بالاحتفاظ بالبيت الأبيض لفترة رئاسية جديدة.

ستشكل ولايات "الجدار الزرقاء" الحاسمة أبرز ملامح المعركة الانتخابية في نوفمبر المقبل، حيث يسعى الجمهوريون إلى اختراق هذا الجدار لتأكيد وصولهم إلى البيت الأبيض، فيما يسعى الديموقراطيون إلى تحويل الطاقة المتفجرة التي أطلقها ترشيح كامالا هاريس إلى أصوات فعلية يوم الانتخابات للاحتفاظ بجدارهم.

ذلك ما يفسره التداعي الذي شهده مؤتمر الحزب الديموقراطي، في شيكاغو، من قبل شخصيات بارزة في الحزب، لتقديم الدعم في معركة يرون أن التكاتف فيها أهم وسيلة للنصر، فمن المرشحة أمام ترامب في 2016 هيلاري كلينتون إلى الرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل، والرئيس الأسبق بيل كلينتون، يتواصل زخم استعدادً للمعركة الشاقة.

حائط صد

يرمز "الجدار الأزرق" إلى الولايات التي تصوت تقليدياً للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية، وتمثل حائط صدّ أمام الجمهوريين، يتعين كسره أو اختراقه للفوز بالبيت الأبيض، واللون الأزرق هنا يرمز للحزب الديمقراطي.. ويتكون الجدار من ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، التي تعد حاسمة في تحديد هوية الرئيس الأمريكي القادم.

كامالا هاريس ونائبها تيم والتز وصلا إلى ميلووكي ويسكونسن، لحضور تجمع انتخابي، في زيارة هي الثالثة لهذه الولاية الحيوية هذا الشهر فقط. في الوقت الذي قام دونالد ترامب بزيارة مقاطعة ليفينغستون ميشيغان، بعد زيارته الثانية لبنسلفانيا خلال يومين.

تجمع الولايات الزرقاء 44 صوتاً في المجمع الانتخابي، وهو ما كان ضرورياً في الدورات الرئاسية الأخيرة لتجاوز حاجز 270 صوتاً للفوز بالبيت الأبيض. وكانت هذه الولايات موالية للديمقراطيين حتى عام 2016، عندما تمكن ترامب من اختراق الحائط الأزرق بفوزه الضيق والاستثنائي في جميعها.

ولاء متقلب

ومع استعادة جو بايدن للسيطرة على هذه الولايات في 2020، إلا أن ولاءها السياسي ما زال متقلباً، ويبدو أن دورها في انتخابات 2024 سيكون حاسماً مرة أخرى.

تشير استطلاعات الرأي الأخيرة من "نيويورك تايمز " إلى تصاعد قوة هاريس مقارنةً بوضع بايدن غير المستقر قبل انسحابه. ومع ذلك، لا تزال قوتها ضد ترامب ضمن هامش الخطأ، ولنتذكر أن استطلاعات الرأي في 2016 لم تُصب في تقدير قوة ترامب في الولايات الزرقاء ومنحت الأفضلية حينها لهيلاري كلينتون.

هاريس تملك عنصراً مفيداً ويؤتي ثماره حتى الآن، يتمثل في الحماس الذي أثير حول ترشيحها المفاجئ، ففي ويسكونسن، التي فاز بها بايدن بفارق ضئيل في 2020، سجل أكثر من 40,000 شخص كمتطوعين ديمقراطيين منذ تحول الترشيح إليها.

وفي ميشيغان، حيث فاز بايدن بفارق 154,000 صوت في 2020، سجل 60,000 شخص للتصويت منذ صعود هاريس إلى الترشيح. ويسعى الحزب للبناء على ذلك بزيادة نسبة المشاركة في المراكز الحضرية الكبيرة مثل ديترويت وفلينت، مع التوسع في الأرياف.

تبرز في ميشيغان مشكلة كبيرة للديموقراطيين في هذا التوقيت، وهي رد فعل الناخبين السلبي بسبب دعم بايدن لإسرائيل وسط حربها مع حماس في غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 40,000 فلسطيني. يعزز ذلك وقوع "ديربورن" أكبر مدينة أمريكية ذات أغلبية عربية فيها، مع أكثر من نصف سكانها من أصول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أما بنسلفانيا التي فاز فيها بايدن بفارق 80,555 صوتاً في 2020، فيسعى فيها الديمقراطيون لاستغلال الحماس الذي خلقه ترشيح هاريس، عبر النزول إلى الميدان لاستقطاب ملايين الأشخاص الذين لم يبدأوا بعد متابعة الانتخابات، والتواصل المباشر معهم أمر مهم جداً.

قضايا

تعد قضايا الإجهاض والنمو الاقتصادي والبطالة والتضخم والجريمة والهجرة، أبرز القضايا التي تسهم في تحريك الناخبين في هذه الولايات إلى أي من الاتجاهين، إضافة إلى الرعاية الصحية التي تعد كذلك نقطة مركزية في الحملات.