يعد الممثل والمخرج الكاتب المسرحي، محمود أبو العباس، من المبدعين الذين أسهموا بشكل نوعي في نجاحات وريادة المسرحي في دولة الإمارات. وهو يقدم في كتابه (بوابات المسرح: طفولة المسرح شبابا المسرح)، مساقات علمية متخصصة في مجال المسرح، تمثل عصارة تجربة وخبرة نظرية وعلمية في المجال.
ويؤكد أبو العباس في حواره مع «بيان الكتب»، أن المسرح الإماراتي قطع أشواطاً مهمة في مسيرة النجاح والتميز، مشيراً إلى جملة قضايا يحتاجها لتدعيم دوره المجتمعي، وعلى رأسها وجوب إيجاد كلية علمية متخصصة في المسرح، وكذلك تدريس المسرح في المناهج التعليمية، وإيلاء مسرح الطفل عناية أكبر.
ما أبرز الجوانب الإبداعية التي حرصت على تناولها في أبحاث كتابك ومعالجاته؟
انشغلت في موضوعات بحثي بالكتاب، في حصر باقة منوعة وشاملة، من القواعد المهنية المنهجية الحرفية، الجوهرية، التي تمثل أساساً صلباً لعمل مسرحي ناجح. وذلك على مختلف الصعد، سواء بالنسبة إلى الممثلين أو الكتّاب، أو بالنسبة إلى الجوانب التقنية وغير ذلك من المسائل في هذا الخصوص.
ماذا عن الجديد الذي يقدمه كتابك ضمن الواقع المسرحي وجوانبه وأفقه؟
أردت في هذا الكتاب، رصد جملة مواقف وانطباعات ومسائل، تنفذ إلى عمق الواقع المسرحي، لتحلل واقعه وتحكي تاريخه وبداياته وما حققه من تقدم. ولم أقف عند تلك الحدود، إنما ركزت على تقديم عصارات الخبرة والتجربة في هذا الشأن، فحاولت تقديم جملة إرشادات ومبادئ علمية موضوعية حول ركائز العمل المسرحي، في شتى حقوله وتنوعاته، محاولاً أن أطرح العديد من الإشكالات..
وأن أحصر أبرز الاحتياجات والأمور التي يفتقدها المسرح في الإمارات. وأيضاً اعتنيت بالحديث عن تجارب مجموعة من المبدعين المبرزين في المجال.
إنجاز مهم
كيف تجد واقع المسرح ومستوياته في الإمارات خاصة ومنطقة الخليج العربي بشكل عام؟
المسرح في الإمارات وضع قدماً على الطريق الصحيحة في هذا الصدد. ونتبين ذلك من خلال التنوع والغنى الكبيرين في عدد الفعاليات والمهرجانات المسرحية ضمن الدولة، والتي تبدأ من مهرجان مسرح الطفل ولا تنتهي عند حدود أيام الشارقة المسرحية ومهرجان دبي لمسرح الشباب، وكذا مجموعة الأنشطة والبرامج المسرحية التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح.
واللافت هو الطابع الشامل للثقافة المسرحية في الإمارات، إذ تجد معرفة واسعة في مجالاته، وإقبالاً كبيراً عليه من جميع الفئات العمرية. وهو ما يؤكد ويعزز حظوظ الإمارات في فاعلية وريادة دورها في مسيرة إعادة المسرح خليجياً وعربياً. ولا يفوتني في هذا السياق، التنويه بجهود جهات عدة، وفي مقدمها: دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة وهيئة الثقافة والفنون في دبي وندوة الثقافة والعلوم في دبي، وغيرها الكثير من الهيئات المعنية في الدولة.
ما طبيعة الاحتياجات التي يفتقر إليها المسرح الإماراتي فتعوقه عن تأديته رسالته بالشكل المطلوب؟
المسرح في الإمارات بحاجة إلى توسيع قاعدة الجمهور المسرحي، لذا أعتقد أن مهرجانات مثل :"مسرح الطفل" و"المسرح المدرسي"، تعد من أهم الوسائل التي تذكي فكرة توسيع قاعدة الجمهور من خلال مساقات مسرحية تهيئ المتلقين، خاصة الصغار الذين يشكلون مستقبل الجمهور المسرحي. وأعتقد أنه آن الأوان ليكون هناك كلية متخصصة لتدريس المسرح في الدولة، حتى يجري تخريج جيل مسرحي مؤهل أكاديمياً.
ضرورات
كيف يمكن للمسرح المدرسي أن يؤدي رسالة تربوية للطلاب؟
المسرح المدرسي يصنف من الروافد المهمة في تطور المسرح في أي بلد في العالم، ومن الضروري أن تعي الإدارات القائمة على المنابر التعليمية أهمية المسرح في نقل رسائل تعليمية وتوعوية للطلبة تخدم الأهداف التربوية..وأتمنى أن تقرر مناهج تعليمية متخصصة بالمسرح تدرس في المدارس.
تنويه
ماذا عن المواصفات الواجب توافرها في الممثل ضمن مجال مسرح الطفل؟
يجب أن يتمتع ممثل مسرح الطفل بثقافة عالية عامة، ومعرفة معمقة بعلم نفس الطفل، كما أنه بحاجة إلى تدريبات خاصة بتطويع الجسد والأداء الصوتي .
ما تقييمك للنصوص المسرحية على الساحة المحلية؟
عندما نتحدث عن النصوص المسرحية في الإمارات والعالم العربي، فلا بد أن ننوه بدور وإسهامات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ أثرى سموه المسرح العربي بنصوصه المهمة، من خلال آفاقها وأبعادها التاريخية وإسقاطاتها على الواقع المعاصر.
وبشكل عام، فإن تجربة الكتابة للمسرح الإماراتي انحصرت في عدد قليل من الكتاب، ومن الذين أثروا المسرح الإماراتي في هذا الخصوص (وذلك على سبيل المثال لا الحصر): الراحل سالم الحتاوي، المسرحي اسماعيل عبدالله الذي أثرى المسرح الإماراتي وتعاملت نصوصه مع (الميثولوجيا) الشعبية وقدمها بطريقة تناقش الكثير من الموضوعات الحساسة والموضوعية.
وهناك تجربة المخرج المؤلف ناجي الحاي، الذي قدم نصوصاً أضافت الكثير إلى المسرح الإماراتي. وأيضاً إسهامات مرعي الحليان الذي يتنوع في كتاباته بين مسرح الطفل ومسرح الكبار، حيث نجده يبدع في الاثنين ويقدم نصوصاً تجريبية تحاول الاقتراب من الواقع.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في النهوض بالمسرح الإماراتي؟
الإعلام الإماراتي أجده يواكب المسرح، وخاصة الصحافة التي تخصص مساحات جيدة لتغطية المهرجانات والأنشطة المسرحية. أما بالنسبة إلى التلفزيون فأظن أن الفضائيات في قطيعة تامة مع المسرح.
هل تظن الدراما التلفزيونية أثرت سلباً حالياً في المسرح في الإمارات؟
بالتأكيد. فالدراما التلفزيونية تؤثر في عمل المسرح. ونجد في الإمارات أن جميع من يعمل في الدراما التلفزيونية هم في الأساس من أبناء المسرح، إذ سرق التلفزيون مبدعي المسرح. وذاك بات يؤثر في المسرح، خصوصاً في التحضيرات للمهرجانات المسرحية. وأصبح معظم الممثلين يهتمون بالتلفزيون أكثر من المسرح لأن التلفزيون يغري بالشهرة بينما المسرح فقير في هذا الجانب، وكذلك الأحور في التلفزيون أعلى من الأجور في المسرح.
خطاب وجماليات في طفولة المسرح وشبابه
يقدم محمود أبو العباس في كتابه (بوابات المسرح: طفولة المسرح شباب المسرح)، جملة من الموضوعات والقضايا التي تسلط الضوء على الخطاب المسرحي وجمالياته، إذ تضم أبحاث الكتاب عناوين شاملة تعنى بمسرح الطفل وما يتطلبه من احتياجات وفنيات ومواصفات، وكل ما يرتبط بالطفل مسرحياً. وأيضاً ما يستلزم توافره في المثل بمجال مسرح الطفل، من جوانب تنشئة وتعليم وتثقيف وميول سيكولوجية وفيزيولوجية.
محاور شاملة
يقدم أبو العباس في كتابه، شرحاً مفصلاً عن تقنيات الممثلين الهواة الذين يتعاملون مع مسرح الطفل للمرة الأولى. ويرصده كيفيات تدريب الممثلين في مسرح الطفل.. وتدريب الممثل في مسرح الدمى أو خيال الظل، والتمثيل الصامت. ولا يغفل الإضاءة على تقنيات التمثيل المسرحي الخاص بالطفل.. وكذا كيفية إيصالها حتى يجري استيعابها بالشكل المطلوب. إضافة إلى مسائل السينوغرافيا والمخيلة في عروض مسرح الطفل.. وغير ذلك.
أهمية التدريب
يتعمق أبو العباس في كتابه، بتناول ماهيات لغة الجسد وما يحتاجه الممثل المسرحي في الخصوص. كما يبين طبيعة ما يتوجب تقديمه للمثل من تمارين في الاسترخاء والتحفيز والتمارين الرياضية المتنوعة التي تسهم في الاستعداد الجسدي لأداء الحركات الاستعراضية والإيماءات، علاوة على تمارين الحواس الخمس وغيرها.
«الخروج من الأزمة»
نطالع في الكتاب، جملة محاور علمية متخصصة في المسرح، من بينها: إعداد الممثل في مسرح الطفل، جماليات النص في مسرح الطفل، المسرح الجامعي.. الخروج من الأزمة، الكاتب المسرحي الإماراتي سالم الحتاوي، واقع المسرح في الإمارات، ناجي الحاي: المخرج المؤلف، فضاء الخروج من المتوقع: المخرج المسرحي حسن رجب.
حمود أبو العباس. ممثل ومخرج وكاتب مسرحي عراقي.
ولد في مدينة البصرة عام 1956.
بدأ العمل في المسرح عام 1971.
حصل على الماجستير في الفنون المسرحية من جامعة بغداد - تخصص الإخراج المسرحي.
عمل محاضراً في معهد الفنون الجميلة في بغداد.
شارك في تمثيل عدد من الأفلام العراقية، آخرها فيلم (صمت الراعي) في عام 2013.
أخرج العديد من المسرحيات، إضافة إلى كتابته للمسرح.
قدم العديد من البحوث والدراسات في المسرح، وشارك في مجموعة مهرجانات دولية للمسرح والسينما.
حصل على جائزة أفضل ممثل في العراق لعدة أعوام، وأفضل فنان عربي متميز في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، في أعوام: 2001، 2006،2007، 2011.
فاز بالعديد من الجوائز الأخرى خلال مسيرته الفنية.