تميزت أعمال الكاتبة الإماراتية منى التميمي، بنوع من الخصوصية في موضوعاتها، وبرصانتها وشفافيتها اللغوية، التي ما زالت تستحوذ على أعمالها الأخيرة في الرواية، ومن أهمها رواية «حارس التوت»، باكورة هذه الأعمال، والتي صدرت في 2017.. كما صدرت لها أخيراً رواية «رسائل صوفية».

وقد عُرفت منى التميمي في أعمال سابقة، منها في الرواية والشعر، حيث كانت بداياتها بكتابة النصوص الشعرية.

منى التميمي تحكي في حوارها مع "البيان" حول مجموعة من الموضوعات والقضايا الأدبية والإبداعية، متطرقة إلى مضمون روايتها «رسائل صوفية»، وتصنيفها وكيفيات إبحارها في عوالم اختراق الزمان والمكان في كتابتها الروائية، وحول كتاباتها المهجوسة بالجمال والقيم والمحبة..مشددة على أن الكاتب هو من يصوغ عوالمه الإبداعية وتعلق قائلة: «أنا على قناعة تامة بأن الكاتب يُفصل نفسه وعالمه، وحتى لطفه وروعته في شخوص روايته، ولكن، وعلى الرغم من كل شيء، تبقى البصمة الجميلة موجودة في كل كتاب.

بالنسبة لي، فأنا أتمنى حقيقة أن أتحرر لاحقاً من ذلك القيد الآسر، وأن أكتب بشكل أكثر قوة، فحين تنساب أنهار هذه اللغة اللطيفة، يبقى الأمر بلا حدود».

تجريدية

يدور الموضوع الرئيس لرواية «رسائل صوفية»، حول علاقة حب مجردة تبحر ، يمسك طرفاها بعالمنا المادي من تلابيبه، من التكنولوجيا الحديثة، فيستخدمانها وسيلة للحوار بينهما، في حين يدرك الذين يميلون إلى آراء الفيلسوف الأندلسي «ابن عربي» في الحب، أن هذه رسالة في الحب الروحي، حب النظير، الذي يكتشف فيه الإنسان صورته.

غير أن أكثر ما تحمله تفاصيل الرواية من إثارة، وكما توضح منى، ربما كان نهايتها الملغزة، التي لا يفك خيوطها غير المؤلفة، على الرغم من بياناتها الواضحة «ليرتجف الأزرق الكهربائي الذي يمثل لون البرق»، في نفس قارئ هذه الرسائل...

يلاحظ في الرواية، أن هناك اختراقاً لكل شيء، بما في ذلك المكان والزمان، في الرسائل التي تتم بواسطة «البريد الإلكتروني»، بين الراوية وشخصية «غيث»، المجهول تقريباً بالنسبة لها، والذي يقترب في اسمه من شخصية تاريخية، هي الفاتح الأندلسي «مغيث الرومي»، وتجيب منى التميمي عن ذلك بقولها: "الواقع أن الرسائل التي كتبت بين بطلي القصة، كانت متبادلة عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تحتوي على مشاعر سامية ومترفعة، كأنها منذ زمن بعيد، وقد فرضت نفسها بصفائها ورقيها، تحت ظلال زمن إلكتروني خالٍ من النبض الجميل، كما أنها تقيس مسافة العمق في روحي بطلي القصة".

تأمل

وعن التأمل والبحث في رمزيات الأشياء والكائنات، وهو ما نراه كثيفاً في هذه الرواية، تقول الكاتبة: «الحقيقة أن الرواية كتبت بلغة تلقائية، وربما تكون قياساً لذلك النبل الذي تحمله شخوص الرواية، أما الصوفية، فلم أقصد منها سوى نقائها وقيمتها ومكانتها».

وتؤكد التميمي، أنه لطالما كان الترفع بالذات، الطريق إلى تغيير الواقع، تغيير أسلوبك ومفرداتك وأهدافك، هذه الأشياء كفيلة بأن تصنع فكراً وتاريخاً إنسانياً، يليق بنا وبهويتنا وبأرضنا، التي تستحق كل هذا العطاء.

تقدير

اما عن كثافة الرسائل التي تقدّر قيمة الجمال والفن، والطبيعة الظاهرة بقوة في أعمالها، تقول الروائية منى التميمي: أنا أعشق الرفاهية والذوق الرفيع في الرفاهية، وفي نظري، أن في ذلك ما يمكن أن نسميه قدسية الطبيعة الثرية.. فكلما اقتربت من طراوتها ورائحتها، تعلمت لغة طيبة الأنفاس.. لذا، فإذا تلطفت الطبيعة بحضورها القوي، فتأكد أن قبولك بها، يعني أن ذلك من بهاء روحك.

عن التاريخ والمساحة الكبيرة التي يأخذها في أعمالها، تؤكد منى أنه في هذه الرواية، جزء من ثقافة شخوصها، ولم يكن مقحماً من أي زاوية، بل هو إرث حصل عليه بطل الرواية، واستأثر بكنوزه، إلى أن التقى بشخص يقابله في الميول، فكان ذلك الحوار الغني. وتضيف: من ذلك يتبدى لنا أن شخوص هذه الرواية، يحملون قلوباً عفوية، تخوض رحلة في صفاء النفس البشرية.

شفافية

لغة شاعرية شفافة، تميزت بها كتابات منى التميمي، طبعت «رسائل صوفية»، وتشبه إلى حد ما، لغة روايتها «حارس التوت»، رغم اختلاف الموضوع والنضج الواضح..