ليس هيناً جمع 4 عقود ونيف، تشكل عمر شركة الاتصالات في الدولة، لتتسع العملية وتشمل قطاع الاتصالات فيها، بين دفتي كتاب لا تتجاوز عدد صفحاته حاجز الـ 280، وذلك لما لهذا القطاع من تشعبات كثيرة، وما شهده من قفزات كبيرة، طوال هذه الفترة، والتي يؤرخ لها المهندس محمد عمران الشامسي، رئيس مجلس إدارة اتصالات والرئيس التنفيذي للشركة سابقاً، في باكورة مؤلفاته «محطات.. رحلة المهنة والحياة»، الصادر حديثاً عن «مسار للطباعة والنشر» التابعة لمؤسسة دبي للإعلام، فالكتاب يبدو أشبه بـ «وثيقة شيقة» تكشف كواليس العمل في قطاع حيوي، يشكل اليوم واحداً من أعمدة الاقتصاد المحلي، صاغها عمران بلغة رشيقة، تمتاز بأسلوب السهل الممتنع، وقدمها على شكل حكايات قصيرة، جمع فيها بين سيرته الذاتية والمهنية، وسيرة قطاع كامل، عاش عمران بين أكنافه عمراً تجاوز عقوداً ثلاثة.
إمرتل
وبلا شك أن أهمية الكتاب، تكمن في كونه يوثق لمسيرة الاتصالات كشركة تعمل في الإمارات منذ عام 1976، وكقطاع متكامل بدأ عمله في الدولة قبل أكثر من أربعة عقود، لتكون بداية شبكات الاتصالات في الدولة، مجرد تمهيد لولادة قطاع عملاق، مكن الإمارات من أن تصبح لاعباً مهماً على الساحة الدولية، حيث يروي لنا عمران ذلك من خلال سيرته الذاتية، حيث قال لـ «البيان»: «عملت في شركة اتصالات مدة 35 عاماً، وكنت من أوائل المهندسين في هذه الشركة التي انضممت إليها في 1977، أي بعد عودتي من القاهرة إلى الإمارات حاملاً شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية - قسم الالكترونيات والاتصالات، حيث دخلت شركة «امرتل - اتصالات» مهندساً متمرناً، وتدرجت فيها حتى أصبحت رئيس مجلس إدارة الشركة والرئيس التنفيذي لها، قبل أن أمضي نحو التقاعد».
على مدار سنواته التي أمضاها في أروقة شركة اتصالات، تحول عمران إلى شاهد عيان على تطور هذا القطاع الحيوي، حيث يشير في كتابه الذي قطعه إلى 12 فصلاً، بدت أشبه بسرد جميل، قدم من خلالها كماً هائلاً من المعلومات التي تكشف عن حجم القفزات التي شهدها هذا القطاع وشركة اتصالات في الوقت نفسه، بدءاً من حكاية تأسيس الشركة التي كان يطلق عليها في البداية اسم «مؤسسة الإمارات للاتصالات» (إمرتل) وتغييره لاحقاً إلى اسم «اتصالات» نزولاً عند رغبة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحكاية الحرف (E) الذي تم اعتماده بديلاً للحرف(I)، لتصبح كلمة (Etisalat) بدلاً من (Itisalat)، وذلك لما يحمله حرف (E) من دلالة في الرياضيات، وايضاً تقاطعه مع اسم الامارات بالانجليزية، كما يروي لنا حكاية أخرى حول قانون ولادة مشغل ثان في الدولة، وهي شركة «دو» التي رأت النور في 2004، وانشاء هيئة تنظيم الاتصالات في الدولة، وغيرها.
ترميز دولي
إلا أن اللافت في هذا الكتاب، يتمثل في قسم «الترميز الهاتفي الدولي وأرقام الإمارات»، حيث يبين لنا عمران، فيه آلية الترميز الدولي على مستوى العالم، ويكشف لنا حكاية اختيار 971 ليكون الرمز الدولي للإمارات، حيث قال: «قبل قيام دولة الاتحاد، كان هناك أكثر من رقم، لأن بعض الإمارات كان لها رمزها الدولي الخاص بها، لذا تم الاتفاق لاحقاً على اعتماد رمز واحد لها بعد إعلان الاتحاد في ديسمبر 1971، وبذلك أصبح الرمز الدولي واحداً لكل إمارات الدولة، وهو 971، وتم التنازل عن بقية الرموز».
كما يشير في ذات القسم أيضاً إلى عملية تقسيم الرموز على مدن الدولة الرئيسية، ويوصف فيه مدى فرحته عندما انضم إلى الفريق الفني الذي تولى عملية توزيع أرقام الهواتف.
خدمات بسيطة
المطلع على الكتاب، يستشعر مدى الجهد الذي بذله عمران في التوثيق لهذه المسيرة التي تمتد على مدار 4 عقود ونيف، ليبدو، وفق تعبيره، بأن «التوثيق لهذا القطاع كان أحد أهم الأسباب التي دعته لتأليف هذا الكتاب. في سرد لسيرته، لا يتوقف عمران عند حدود اتصالات كشركة، وإنما يتوسع أكثر، الأمر الذي يجعل من كتابه «وثيقة شاملة» ترصد مسيرة قطاع يعد حالياً واحداً من أعمدة الاقتصاد في الدولة.