أن تكون ابنة الشتات الفلسطيني، كما هي البطلة في رواية زينة عرفات الأولى «موجود كثيراً»، يعني امتلاك معرفة وثيقة بمعنى التهجير والغربة، ضمن حبكة آسرة تفصّل اثنتين من أعمق رغباتنا المتمثلة بالعثور على الحب ومكان ندعوه وطناً.

مسرودةً على شكل صور موجزة متناثرة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وما بينهما من نيويورك إلى الأردن ولبنان وفلسطين، تروي زينة عرفات قصة تطور حياة بطلتها من مراهقة خجولة إلى منسقة موسيقى شهيرة وكاتبة ملهمة. كما تتطرق إلى والدتها المتعسفة ليلى، صاحبة الكاريزما التي كانت بلا شك «تتمتع بحياة باذخة» في نابلس وتعرف بعظام خدها الناتئة وتنانيرها القصيرة المستوردة من لندن.

لا بدّ لليلى، كما تظهرها الرواية، أن تغالب حقيقة «أنها ولدت بين حربين كارثيتين في خضم الصراع العربي الإسرائيلي، 1948 و1967». ومع ذبول حلمها بالدولة الفلسطينية، تهاجر ليلى وعائلتها إلى أمريكا، حيث تتزوج شاباً نابلسياً أيضاً وترزق بابنة، هي بطلة الرواية التي تستكشف سعيها المحبط للحصول على حنان الأم والعلاقة الرومانسية السليمة.

وكما الوطن الفلسطيني الضائع يعذب ليلى، تقوم هي بتعذيب ابنتها. فليلى شخصية عنيفة لا يمكن توقّع ردود أفعالها، جميلة إنما لا يمكن الوصول إلى أعماقها. وهكذا تنمو البطلة وتتحول إلى امرأة تبحث عن سبل تشفي بها جراحها النفسية الموجعة وتوصف بالمدمنة على الحب الذي تغدقه على أي كان فيما تحاول استراق فرص العثور على الحب الحقيقي.