يحاول كتاب "إشكالية الأنا والآخر.. نماذج روائية عربية"، لمؤلفته، الدكتورة ماجدة محمد حمود طرح قضية إشكالية الأنا والآخر، التي تؤرقنا مثل ما أرقت الرواية العربية، خاصة عقب أحداث سبتمبر 2001، إذ ألحقت بالأنا تهمة الإرهاب.

ويسعى الكتاب إلى إبراز خطورة الإرهاب الفكري، الذي يؤدى إلى إرهاب يدمر إنسانية الإنسان، ما يفضي إلى نفي الآخر المختلف: عرقياً، دينياً، فكرياً. إذ يبيح هذا القتل المعنوي للآخر، تصفية جسده في نهاية المطاف. وتشير المؤلفة إلى أنه، ومن هنا، تبرز أهمية الانفتاح واحترام الاختلاف. فنحن اليوم على مفترق طرق، فإما أن نكون أبناء الدمار حين لا نسمع سوى صوتنا، أو نكون أبناء الازدهار: عندما نعترف بالآخر شريكاً لنا في البناء، فنصغي إليه كما نصغي إلى ذواتنا.

وتلقي ماجدة حمود، الضوء، على توسيع مفهوم الآخر في الرواية العربية.

وتؤكد المؤلفة أن الرواية العربية منذ بداياتها الأولى اهتمت بتسليط الضوء على إشكالية الهوية في مواجهة الآخر، كما في رواية خليل خوري "وي.. إذن لست بإفرنجي" عام 1859.كما توضح ماجدة حمود، أن دراستها لا تدعي الريادة في تناول الآخر في الرواية العربية.

 إذ احتفى برصد روايات عنيت ببدايات هذا اللقاء، كتبها الطهطاوي وتوفيق الحكيم، وغيرهما. ولكنها لاحظت أن معظم الدراسات التي تناولت هذه الإشكالية، اهتمت بالآخر الغربي من جهة الصراع الحضاري ومواجهة المستعمر، أي تناولت موضوعة العلاقة السلبية معه، مهملة العلاقة الإيجابية .

ولتوضيح هذه القضية اختارت، الكاتبة ثماني روايات، تنتمى إلى بلدان عربية عدة: فلسطين، الكويت، السعودية، اليمن، سوريا، مصر، السودان، والجزائر. وجميعها كتب بين عامي 1999 و2009، ذلك في محاولة للإجابة عن الأسئلة التالية: هل لجأت الرواية العربية إلى بناء جسور للتفاهم بين الأنا والآخر؟ كيف؟ وغير ذلك الكثير من التساؤلات.

وتبين المؤلفة أن النماذج التي اختارتها لا تخضع إلى المركزية الغربية. إذ استطاع الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، في روايته "بعيداً إلى هنا"، أن يسلط الضوء على صورة الآخر الآسيوي. لهذا يعد من أوائل الروائيين العرب الذين أتاحوا الفرصة للهامشي في المجتمع.

فالخادمة السريلانكية، طبقاً لموضوع الطرح، تشكل بؤرة مركزية في الفضاء السردي. أما الروائية المصرية أهداف سويف، حسب المؤلفة، فعادت في خارطة الحب، إلى أواخر القرن التاسع عشر لتبني جسور التفاهم بين الأنا والآخر الإنجليزي.

كما ترى المؤلفة أن الروائية السودانية بثينة خضر مكي، في روايتها "حجول من شوك"، تجعل المتلقي يعايش معاناة الأنا الأفريقية حين تصبح آخر. وكذا ترى ماجدة حمود أن الروائية الفلسطينية سحر خليفة، في روايتها "ربيع حار"، تقدم علاقة متوترة مع الآخر، على الرغم من رغبتها في تجاوز الصورة النمطية: الكراهية، التي ترسمها المخيلة العربية للعدو الصهيوني.

أما في ثلاثية "أرض السواد"، للروائي الراحل عبدالرحمن منيف، فتجد المؤلفة أنه عايش معها المتلقي سؤال الهوية، في مرآة الآخر الغربي.. كما تناول الروائي اليمني علي المقري، في روايته "اليهودي الحالي"، إشكالية لقاء الأنا والآخر اليهودي.. أما لدى الروائية السورية غادة السمان، في روايتها "سهرة تنكرية للموتى"، فبدت الأنا في مرآة الفرنسي إثر الحرب الأهلية اللبنانية. كما تدرس المؤلفة، مجموعة أعمال أخرى.

وترى الكاتبة، أن الرواية العربية استطاعت نقل إشكالية الأنا والآخر من فضائها الفلسفي المجرد والغائم، إلى فضاء واقعي، يلوذ بجماليات روائية تعتمد تعدد الأصوات.

 المؤلف في سطور

 الدكتورة ماجدة حمود. ناقدة وكاتبة سورية. من مواليد دمشق عام 1954. تعمل أستاذة في قسم اللغة العربية في جامعة دمشق. حصلت على الماجستير في الأدب العربي الحديث. وعلى الدكتوراه في النقد العربي الحديث. لديها مؤلفات أدبية ونقدية، عديدة. من بينها: النقد الأدبي الفلسطيني في الشتات، علاقة النقد بالإبداع الأدبي، نقاد فلسطينيون في الشتات، الكواكبي فارس النهضة والأدب.

 الكتاب: إشكالية الأنا والآخر.. نماذج روائية عربية

المؤلف: الدكتورة ماجدة حمود

الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - سلسلة عالم المعرفة - الكويت 2013

الصفحات: 280 صفحة

القطع: المتوسط