يضم كتاب"الندوة النقدية التكريمية للمبدع الراحل شفيق جبري"، من إعداد وتوثيق: نزيه الخوري، مجموعة من القصائد والأبحاث التي تحتفي بالأديب والناقد والأستاذ الجامعي، وعضو المجمَّع اللغوي العربي وشاعر الشام، الراحل شفيق جبري (1898-1980 )، ضمن ندوة تكريمية كانت قد نظمتها وزارة الثقافة السورية.

وقال الباحث العراقي، الدكتور عبدالإله عبدالقادر: "وجدتُ نفسي أمام عصر كامل مخبوء في قلم واحد، وإنسان مبدع قدره الذي ساقه ليكون واحداً من أعلام عصر النهضة، وأحد أهم المفكِّرين الأدباء في الربع الأوَّل من القرن الماضي، متزامناً وجوده وبروزه مع عدد من أهم الأعلام العرب الذين أسَّسوا لأدب القرن العشرين وما بعده، إذ لا حدود يمكن أن يقف عندها الباحث في حياة ونتاج جبري لأنَّنا أمام فكرٍ بسعة البحر وبُعد السماء، ونتاجٍ امتدَّ على مساحة نحو سبعين عاماً من التألق الذي لم يطفئه حتى الرحيل الجسدي".

أما الكاتب الفلسطيني عبدالكريم السعدي، فبين حول مواقف شفيق جبري الفكرية، أنَّها كثيرة ومتعدِّدة ضد الاستعمار التركي العثماني والفرنسي الغربي، إضافة إلى إذكائه روح الحرية والدفاع عن الوطن. وذكر الدكتور عادل فريجات، أنه لا مراء في أنَّ شفيق جبري مثَّل خير تمثيلٍ، الشعر الإحيائي في سوريا.. أو المذهب الاتباعي في فن القريض.. فجبري كان في دمشق مثل أحمد شوقي في مصر.

كما قال الدكتور نذير العظمة: "كان جبري في أغلب الأحوال، يُبدع الشعر من الشعر تعبيراً عن معاناة الحاضر. ويبدعه لينشد ويُلقى ومن ثمَّ ليقرأ. فالقيم الصوتية ونبرة المنبر والإنشاد، كانت مهمة في صناعته الشعرية. لذلك توسَّل النظام الموروث للقصيدة بكل بنوده. وأوضح عبد الواحد لؤلؤة من العراق، أنَّ جميع ما كتبه شفيق جبري من شعر، ضمَّه ديوان "نوح العندليب".

إذ نلمس فيه إحساساً بينا في صورة (الأناوية)، أي التوكيد على "أنا" الذات. وكذلك أشار الدكتور ياسين الأيوبي من لبنان، إلى أن شفيق جبري واحدٌ من مجموعة شعراء سوريين شكَّلوا جيلاُ شعرياً محافظاً على أساليب القدماء وأغراضهم وعواطفهم. ولفت الدكتور عمر الدقاق، إلى أنه في أشعار شفيق جبري هناك مزيد من نزعة المثاقفة في جريه مع شعراء عصره.

وقال الدكتور خليل الموسى عن كتاب شفيق جبري الذي وضعه عن(المتنبي): "إنَّ المرء يتعجَّب أشدَّ العجب من أن يؤلِّف كتاب أكاديمي. وهو بعيد كل البعد عن أبسط القواعد الأكاديمية، وهي التوثيق. ثمَّ إذا أشار إلى كتاب ما أي شفيق جبري- فإنَّه لا يسلك طريقة واحدة في منهجه. فهو يشير أحياناً إلى أنه يرجع إلى "البيان والتبيين" أو "العمدة"، ولكنَّه يتوقَّف عند ذلك، فلا يشير إلى الطبعة أو مكان النشر أو الصفحات، ثمَّ إنَّ الكتاب يخلو من فهرس للمصادر والمراجع.

وقال غسان كلاس، إنه في بحثه عن "شفيق جبري" بأقلام من عرفوه، اكتشف: " أنَّ د- خالد قوطرش اعتبر أنَّ فلسفة شفيق جبري في الحياة ككل شاعرٍ مفطور فلسفة متفائلة، تدعو إلى الإبداع والبناء، وتناهض الهدم والفناء، وما ثورة الشاعر على الفساد والشر والاضطهاد ومفاسد الأخلاق، إلا دعوة للخير ومكارم الأخلاق".

ويضيف كلاس، ان الكاتبة سلمى الحفار الكزبري كتبت: "أنا وزوجي كنَّا أصدقاء شفيق جبري، وقد أُتيح لي الاستمتاع بجلسات أدبية أسبوعية كانت تعقد في بيت أبي في دمشق في الستينيات، بعد اعتزاله العمل السياسي. وكان رواد هذه الجلسات التي كانت تعقد باسم ندوة الأربعاء الأساتذة: بدوي الجبل، شفيق جبري، سامي الدهان..."

. ومن ما يرويه الكاتب بأقلام من عرفوا جبري، ما ذكره زهير مارديني، أنَّه لمَّا عرفه عرف شاعراً يرهب الحكَّام، وكاتباً حاد القلم. ولقد عرف عنه الناس مظاهره، ولكنها مظاهر تحجب حقيقته. ففي عهد الانتداب الفرنسي على سوريا جاءه شخص إلى ديوان وزارة المعارف، وقدَّم إليه ورقة صغيرة موقَّعة من (إبراهيم هنانو). وكان الزعيم مُلاحقاً من السلطات الفرنسية. وكانت هذه الورقة عبارة عن توصية من هنانو بتعيين حاملها أستاذاً في مدينة حماة. ودار بين الإثنين الحوار التالي:

أين تريد أن أعيِّنك ؟الأستاذ: في حماة يا سيدي. فيرد عليه شفيق جبري: اذهب من الآن واستلم وظيفتك. وسأرسل إلى مدير المعارف في حماة برقية ليسلِّمك منصبك. الأستاذ: بهذه السرعة؟ ويجيبه جبري: نعم بهذه السرعة. فالتوصية التي يخطُّها إبراهيم هنانو هي بمثابة مرسوم علينا تنفيذه، فاذهب واستلم عملك.

 

الكتاب: الندوة النقدية التكريمية للمبدع الراحل شفيق جبري

إعداد وتوثيق: نزيه الخوري

الناشر: وزارة الثقافة - دمشق 2012

الصفحات: 358 صفحة

القطع: الكبير