يتتبع كتاب "نقولا الحداد.. الأديب العالم"، للأديبة سلمى مرشاق سليم، سيرة حياة وعوالم نقولا حداد، بشكل يوفي هذا الموسوعيّ الطليعيّ بعض حقّه، ويعيد اكتشاف إنتاجه العلميّ والأدبيّ الذي لم تألُ المؤلّفة جهداً في طلبه، وفي البحث عنه وفيه، وفي توصيل أوصاله، مدرجة إيّاه في إطار لوحة تصوّر عصراً جميلاً لا نملك إلا الحنين إليه.
توضح المؤلفة أن نقولا الحداد من قرية جون "الشوف" اللبنانية، متعدد النشاطات: صيدلي، مؤلف، مترجم، عالم. وحياته تمثّل العزيمة والإرادة والعطاء للأجيال المتلاحقة. وتقول سلمى مرشاق سليم: "رغم ظروف قاسية لا نعرفها بالتفصيل، اضطر للانقطاع عن الدراسة فترة والعمل.. ثم العودة للحصول على شهادة الصيدلة.
كما أن مغامرة الذهاب إلى أميركا والتعرف على حضارة مختلفة والإقرار بالفشل أو عدم النجاح والعودة إلى مصر نهائياً، دليل على صدقه مع نفسه وسواه. إصراره على المواظبة على الدرس والتعمق في مواضيع جديدة ومستجدة، دليل على ثقته بقدراته الذهنية وأن المثابرة والجهد يؤدّيان إلى تحقيق الهدف / الحلم. وأكبر دليل على ذلك، دراسته لموضوعَي الذرة والنسبية وكتاباته حولهما، فكان الرائد السبّاق".
يشكل الكتاب رؤية بانورامية لمسيرة نقولا الحداد العلمية والأدبية، ترصد أهم كتاباته ومساهماته في النهضة الثقافية العربية والمصرية، وأهم الكتابات التي تناولت أعماله. وتؤكد المؤلفة أن "الحداد صاحب اطلاع واسع في مجالي الأدب والعلوم، وذلك في الثقافتين العربية والإنجليزية. ومن ما لا شك فيه أن لديه المقدرة على مزج الموروث والعلم الحديث، مقدماً إنتاجاً محققاً.
وهو يفعل ذلك بأسلوب سهل بسيط يدعو أحياناً إلى التساؤل: هل يمكن اعتبار الحداد أديباً بكل ما للكلمة من معنى؟ لا يخفى أن الهدف من ما وضعه من روايات، هو الإصلاح الاجتماعي والدعوة إلى المثل الأخلاقية والسياسية والاقتصادية التي يؤمن بها، وهو يرسم شخصياته بوضوح متحكماً بأقوالها وأفعالها، فهل الأولى بنا أن نرى وراء هذه الشخصيات عالم أم عالم الأخلاق؟".
ويبقى الحداد الشاعر، حسب رأي سلمى مرشاق سليم، متميزاً. وتقول في الخصوص: "الأرجح بأننا ننتقص من إبداعاته الأخرى إن نسبناه إلى الشعر وقارنا بينه وبين مجايليه من الشعراء، الأرجح أن الحداد نظم ما نظم استكمالاً منه لصورة الأديب الذي يجمع بين الشعر والنثر.
وإذ خصص بعض منظوماته لأغراض علمية من مثل تلك التي يصف فيها العين والقلب، فإن الغالب عليه، حتى في مواضع العاطفة هو تغليب العقل على ما سواه وهذا ما يتجلى بوضوح مثلاً في رثائه لإبراهيم الجمال أو لفرح أنطوان، حيث يتقدم (الحزن العقلي) على الحزن".
المؤلفة في سطور
سلمى مرشاق سليم. باحثة لبنانية. مصريّة المولد، شاميّة الأصول، متزوجة في لبنان ومقيمة به. لديها كتاب بعنوان: "إبراهيم المصري رائد القصّة النفسيّة، مدخل بيبليوغرافي".
الكتاب: نقولا الحداد.. الأديب العالم
تأليف: سلمى مرشاق سليم
الناشر: دار الجديد - بيروت 2013
الصفحات: 221 صفحة
القطع: المتوسط