بقلم الكاتب، وريشة الفنان، يُبدع رسام الكاريكاتير الشهير أحمد طوغان في كتابه الجديد «أحمد طوغان.. سيرة فنان صنعته الآلام»، تجربته التي أتاحت له التقاء ومزاملة روَّاد لمعت أسماؤهم في سماء الصحافة والأدب والسياسة، والعمل في أكثر من صحيفة مصرية، ومعاصرة كل رؤساء مصر، ليأخذنا إلى حكايات وأحداث توثق جانباً مهماً من تاريخ مصر بعد ثورة 1952. ينقسم الكتاب إلى ستة أبواب...
إضافة إلى ملحق للصور والرسوم والكاريكاتير، وقد افتُتح الكتاب بإهداء إلى أحفاد طوغان، ثم مقدمة كتبها الراحل خيري شلبي عن طوغان ومذكراته..
حيث قال إنها «ليست مجرد مذكرات صحفي رسام حقَّق شهرة مدوية، إنما هي فصول من تاريخنا المعاصر، غير أنه التاريخ الحي، التاريخ غير المرئي، التاريخ المخبوء في كواليس استدرجنا إليها ليرينا ما لم نكن نعرفه عن شخصيات عايشناها وتتلمذنا على أيديها وتأثرنا بها». بينما كان الختام بقلم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، من خلال مقدمته التي كتبها لكتاب طوغان «قضايا الشعوب» الصادر عن جريدة الجمهورية عام 1957.
في جولته الثرية أزال طوغان الغبار عن أسماء شخصيات مهمة، خاصة في مجال الصحافة، ينتقل الكاتب إلى ذكرياته ومذكراته الخاصة بأيام الحب والحرب في حياته، حيث يستعرض باختصار قصص الحب وحكايات الغرام في حياته، ثم تحدث عن أيام الحرب والنكبة التي أدت إلى ضياع فلسطين، ثم كارثة يونيو 67؛ لينتقل بعد ذلك إلى حرب 6 أكتوبر 73..
وقد اختتم كلامه عنها بقوله «وانتهت حرب أكتوبر المجيدة الخالدة في التاريخ بالنصر للأمة العربية التي كان كثيرون قد تصوروها في عداد الأموات! أخذنا بثأر رجالنا الذين قتلوهم وهم مقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين. وجئنا بجنودهم حفاة الأقدام، جاحظي العيون، زائغي الأبصار».
يأبى طوغان أن تخلو مذكراته من البعدين العربي والدولي؛ إذ يتحدث عن أيام المجد في وهران، مستعيدًا قصة الجزائر مع الاستعمار الفرنسي، من خلال تجربته الشخصية مع جيش التحرير الوطني الجزائري، ولقائه عددًا من كوادره وقادته، وحضوره بعض العمليات التي قام بها مقاتلو جيش التحرير الوطني ضد قوات الاحتلال الفرنسي، كما تحدث عن تجربته في اليمن، التي وصفها بـ«بلاد السحر والخيال»، وكان قد حضر جانبًا من حرب اليمن ويروي تفاصيل أحداث عاشها هناك.
ومن الجزائر، واليمن، ينتقل طوغان إلى براغ في تشيكوسلوفاكيا، والتي يصفها بأنها جوهرة قلب أوربا، حيث زارها بناءً على دعوة وصلته بمناسبة مهرجان للفنون التشكيلية حضره حوالي 250 فنانًا تشكيليًّا وناقدًا متخصصًا من جميع بلاد العالم..
وعقدوا مؤتمرًا لهم استمر أربعة أيام، ثم يحكي قصة عودته إلى مصر، في رحلة غير عادية، مرَّ خلالها بألمانيا، والنمسا، وإيطاليا، بسبب أحداث مناخية سيئة، فيضانات وسيول وجبال منهارة في كل مكان من جنوب أوروبا، وظل ينتقل من مكان إلى مكان، ومن دولة إلى أخرى، حتى استقل من فينيسيا إحدى سفن شركة إيطالية اتفقت معها شركة البواخر المصرية على نقل الركاب نظرًا للظروف التي حالت دون وصول السفينة المصرية في موعدها.
ومن عذاب رحلة العودة من براغ، ينتقل بنا طوغان إلى كوريا الديمقراطية - الشمالية حاليًا - التي يصفها بـ«أرض العمر الطويل»، و«بلاد الشمس المشرقة»، ويختتم طوغان مذكراته بحديث ذي شجون؛ إذ يتحدث عن حكايته في جريدة «الجمهورية»، ثم مجلة «كاريكاتير».
المؤلف في سطور
الفنان أحمد طوغان، وُلد عام 1926، وبدأت رسومه تُنشَر في الصحف المصرية والأجنبية منذ عام 1948م، وخلال رحلته مع الكاريكاتير، حصل على عدد من الجوائز المهمة، آخرها جائزة النيل للفنون لعام 2014م. ويشغل حاليًا منصب رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير، ورئيس رابطة رواد الصحافة. لم يكتفِ بالرسم، وإنما مارس العمل الصحفي، وأصدر 27 كتابًا تضم رسومه الكاريكاتيرية، وكتاباته الأدبية والسياسية.