يبيّن كتاب «بحوث نظرية في الأدب والفن»، لمؤلفه الدكتور فؤاد المرعي، كيف يهيمن علم الجمال ونظرية الفن ونظرية الأدب على دراسة الإبداع الأدبي وتلقيه. وتميل الدراسات الحديثة في النقد ونظرية الأدب إلى تفتيت الظاهرة الأدبية وجعلها في منظومتين: منظومة «المبدع – النصّ »، الثانية: منظومة «النصّ – المتلقي».

تبدأ الظاهرة الأدبية بالمبدع، ولذا يجب أن يتركز البحث على عملية إنشاء النص الأدبي في حركتها، وعلى القوانين التي يعالج الفنانون بموجبها انطباعاتهم عن الحياة ليصنعوا منها أدباً، ويجب أن تدرس عملية الإبداع في حركتها بدءاً من مرحلتها الأولى – نشوء البواعث الموضوعية والذاتية للإبداع وولادة الأفكار والصور وتبلورها، إلى مرحلتها الأخيرة التي يتجسد فيها الإبداع نصاً أدبياً ناجزاً.

اعتذر الروائي وليد إخلاصي عن شرح روايته «بيت الخلد» في ندوة عقدت في فرع اتحاد الكتاب العرب في حلب لمناقشتها. وحين هاجمه قارئ متحمس أنه شوّه صورة «أكثم الحلبي»، بطل الرواية، وجعله يدفن نفسه في قبر شيده بيديه، ردّ الروائي بأنه لم يسع إلى تشويه صورة أحد، ولا يستطيع أن يفسر سلوك «أكثم»، كما أنه لا يرفض ولا يقبل رأي القارئ الذي ربما يكون مصيباً أو انه لا يكون.

أمّا الروائي عبد الرحمن منيف، فأثار دهشته قارئ تكلّم على شخصية السائق الأرمني واستنجد بالروائي ليدعم رأيه، فأجابه: يسرني أنك وجدت في شخصية أكوب كل هذا، ولكني أعترف بأني لم أفكر بشيء من كلّ ذلك حين كتبت الرواية.

إنّ التلقي رفيع المستوى يتطلب من المتلقي قدرة عالية على تجاوز النمطية السائدة في تلقي النصوص.

التلقي مسألة مستقلة، ولكن لا يجوز فصله عن الإبداع، لأنهما عملية موحدة تتألف من: فكرة الكاتب ومراحل شغله على نصّه – نتيجة شغل المبدع مكتملة – استيعاب المتلقي للنصّ . إنّ فهم الفن يتحدد بمجموعة من خصائص شخصية المتلقي، وفهم محتوى النصّ يتوقف على سياق البيئة الاجتماعية وعلى الظروف المحدّدة التي يحدث فيها تلقيه.