في عقدنا الزمني الراهن يقولون، إن أهم وأقوى زعيم في قارة أوروبا بأسرها هو.. امرأة اسمها أنجيلا ميركل.

وابتداء من عقد زمني سبق، هو عقد الثمانينيات في القرن الفائت، كانت المكانة نفسها من القوة والنفوذ والتأثير، من نصيب سيدة أخرى - إنجليزية هذه المرة، وهي مارغريت ثاتشر.

ولدى عبورنا ساحات البحر والمحيط، كانت ربوع الشرق الآسيوي تضم سيدات تمتعن بالقدر نفسه، من التأثير والنفوذ. وعند مقدمة هذه الصفوف كانت السيدة أنديرا غاندي في الهند، والسيدة «بي. نظير بوتو» في باكستان.

ويبدو أن كلاً من هذه الشخصيات النسائية، استطاعت النفاذ من ثنايا الحاجز الذي يطلق عليه الأميركيون، وصْفهم الشائع: •• السقف.. الزجاجي.

هو سقف، لأنه يحجز طموحات المرأة، ويصّد موجة تطلعها إلى حيث فرص الترقّي واتساع النفوذ وتحقيق الذات.

وهو زجاجي لأنه - بحكم التعريف- حاجز شفاف، بمعنى أنه موجود بكل تأكيد، ولكن هناك في أغلب مجتمعات البشر من لا يعترف بوجوده.. أو بالأدق، من يحاول أن يتجاهل أصلاً هذا الوجود.

ويحدث كل ذلك رغم ما هو مرفوع من شعارات المساواة بين الذكر والأنثى.. مساواة الجنسين كما تقول مصطلحات منظومة الأمم المتحدة، على نحو ما هو منصوص عليه في واحد من أهم الصكوك الدولية الصادرة عن المجتمع العالمي، ويحمل الاسم المختصر التالي: «سيداو»، وهو

الترجمة الحرفية للوثيقة التالية: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ورغم ما تؤكد وتشدد عليه بنود الوثيقة المذكورة، فإن ثمة شعوراً يسود في أوساط الساسة والمفكرين والعلماء المصلحين، بأن الأمر لا يزال بحاجة إلى مواصلة النضال من أجل وصول المرأة، في عالمنا، إلى مرافئ الإنصاف والتكافؤ والمساواة، جنباً إلى جنب مع الرجل، لا باعتباره منافساً مناوئاً، ولكن بوصفه نظيراً متكافئاً وشريكاً مكملاً في مسيرة الحضارة، بل في عصر العولمة على وجه الخصوص.

وسط هذه الأجواء.. أصدرت أستاذة الاجتماع النرويجية، البروفيسور توريلد سكارد، واحداً من أحدث كتبها، اختارت له عنواناً مباشراً.. وهو: نساء في السلطة.

وفيما كان مغرياً لمثل هذه الموضوعات أن تتابع مؤلفة الكتاب تاريخ المرأة الممسكة بأكثر من صولجان في سدة الحكم ومواقع السلطة والنفوذ، ومن ثم تنداح مادة الحديث لتعرض إلى أسماء من قبيل حتشبسوت.. كليوباترا في مصر. زنوبيا في الشرق.. إليزابيث في إنجلترا.. ماريا تريزا في النمسا وكاثرين في روسيا... إلخ. إلا أن مؤلفة كتابنا اختارت لدراستها التحليلية التي نعرض لها في هذه السطور، إطاراً زمنياً مختصراً ومعاصراً في آن معاً على النحو التالي:

• نصف قرن من وجود المرأة رئيسة للدولة ورئيسة للوزراء على مستوى العالم.

يضم هذا الكتاب 12 فصلاً يجوس فيها قلم الكاتبة خلال مواقع عبر المكان في قارات شتى، ما بين أوروبا إلى آسيا إلى أميركا اللاتينية، فيما تجول بفكرها عبر نظم وسياسات متباينة: ما بين خوض المرأة غمار المعترك السياسي، سواء في الغرب. ودوله الصناعية أو في غابات الصراع السياسي .

حيث «النمور» في جنوب شرقي آسيا.. فإلى المرأة رئيسةً للقبيلة ومرجعية مسموعة الكلمة في إفريقيا جنوب الصحراء.. وإلى أصقاع شرق أوروبا - السوﭭييتية سابقاً، وهي في طور الانتقال من الشيوعية إلى الرأسمالية، وإلى أحوال قارة أميركا اللاتينية، وأطوار تحوّلها من سيطرة التعصب الذكوري إلى النضال المرير وصولاً إلى ضفاف الحداثة في قارة أميركا اللاتينية.

من هنا نستطيع - كقراء، أن نعد هذا الكتاب ثبْتاً مرجعياً لمسيرة تحرير المرأة في العصر الحديث، وبالذات على مدار نصف القرن المنصرم - من عام 1960 وحتى مشارف الألفية الثالثة كما قد نقول. بل تتجلى مقدرة المؤلفة واتساع أفقها، بفضل قدرتها على استجلاء أحوال المرأة ومدارج صعودها عبر 50 بلداً.

ومن خلال سيرة 70 امرأة شغلت مواقع الصدارة وتسلمت مقاليد الزعامة والقيادة على اختلاف الأقطار والأوضاع والثقافات.

الكتاب: المرأة في مقاعد السلطة

نصف قرن من الكفاح ضد «السقف الزجاجي»

المؤلف: توريلد سكارد

الناشر: مطبعة بوليسي

الصفحات:

576 صفحة

القطع: المتوسط