رواية ترصد تحولات المجتمعات الأوروبية

«سيروتونين».. نحو مجتمع سعيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدرت أخيراً، رواية مثيرة للجدل للروائي والفيلسوف الفرنسي، ميشيل هويلكبيك، بعنوان «سيروتونين»، تشرّح تعقيدات كثيرة في المجتمع ..وتتحدث عن التحديات المادية والنفسية، وعن ركائز السعادة المجتمعية وسبل تمكينها، لا سيما بعد توغل الليبرالية الاقتصادية في المجتمع الفرنسي، وضغطها كجذع شجرة عتيقة وتأثيراتها الاقتصادية المتنوعة التي أصبحت تطال أسساً عديدة في المجتمع وهو ما جعل الكثير من أبنائه من الذين يصنفون من الطبقة الفقيرة، يقعون تحت ضغط تامين احتياجات الحياة والسعي اللاهث وراء تامين مستويات حياتية تؤمن السعادة لمثل هؤلاء.

مزاج الإنسان

الرواية المعنونة بـ «السيروتونين»، أخذت اسمها من مادة «السيروتونين»، التي هي أحد الناقلات العصبية، وتلعب هذه المادة دوراً مهماً في تنظيم مزاج الإنسان، لذا يسمى أيضاً بهرمون السعادة، وهو المسؤول عن الرغبة الغريزية، وله دور أيضاً في مرض الصداع النصفي، وهو ما يؤكد للقراء، أن مؤلف الرواية ميشيل هويلكبيك، تعمد تشريح المزاج الاجتماعي للواقع، من خلال شخصية البطل، فلورنت-كلود لابروست، المهندس الزراعي في ولاية ريفية، تجرع آلام الفشل العاطفي، بسبب الفقر وضيق الحال، ما دفعه للعيش في المدينة، لكنه اصطدم بواقع مرير، واقع الليبرالية الصناعية، التي فرضتها الثورة الصناعية، وقوانين الاتحاد الأوروبي، ليحاصر البسطاء بمبادئ جديدة، تقتل الأحلام، وتحارب الرومانسية.

وتفرض على الإنسان سلوكيات مادية وعملية، تختلف عن تلك التي تربت عليها الأجيال القديمة، وعنونت المجتمع الفرنسي قديماً بـ «المجتمع الرومانسي»، لكن الآن كل شيء اختلف، فبطل الرواية الذي اصطدم بالحداثة، وبمبادئ المجتمع الجديد، أصيب بالاكتئاب واليأس، وتملكه الهوس في نهاية المطاف، ليؤكد هويلكبيك، في نهاية روايته، أن فرنسا ومجتمعات أوروبا بشكل عام، أصابها الجمود، بردت أطرافها تماماً، لتصاب بالشلل الرومانسي، وتصلب شرايين المجتمع، وبات المال هو محور كل شيء، هو الحياة وهو هوية الإنسان.

رواية صادمة

العبارات التي استخدمها الروائي ميشيل هويلكبيك، في سرد أفكاره ونسج ملامح بطل روايته، وتجسيد معاناته، سببت حالة من الجدل ..ويرى الكثير من الجمهور، بحسب وسائل الإعلام الفرنسية، أن الرواية تجسد واقعاً لمجتمع تتغول فيه المادة وتختفي منه الرومانسية.

فنجد الاحداث في الرواية قد دفعت بطلها للانتحار في النهاية..وطالب هويلكبيك في مقدمة الرواية، بإعادة النظر في النظام الاجتماعي القاسي بأوروبا، والعمل على إنقاذ ملايين الأوروبيين من مصير «فلورنت-كلود لابروست»، بطل الرواية الريفي المعذب بين ذكريات الماضي الرومانسي، والواقع المتوحش.

 

Email