قبل فترة، شهدت البصرة وسط كل هذا الظلام، احتفالاً بالفنان قصي البصري من جيل ستينيات القرن الماضي، وتعذرت علي المشاركة الفعلية لبعد المسافة، رغم أني أهم من زامل قصي في حياته الفنية.
كنت مع قصي ومجموعة من الأصدقاء، نشكل المجموعة الأكثر إبداعاً وابتكاراً في تلك الفترة، لعل من أهم أعمالنا أننا حققنا أول أوبريت غنائي في تاريخ المسرح العراقي عام 1969، وهنا لا بد من ذكر بعض الزملاء، أمثال: طالب غالي، فؤاد سالم، حميد البصري، طالب جبار، كوكب حمزة، علي العضب. والقائمة طويلة تضم كوكبة من المبدعين، كان قصي معنا لولباً حياً متحركاً ومبدعاً، يشكل وجوده قلب المجموعة إبداعاً وحركة وإنتاجاً بل وجرأة أيضا، وإلا كيف يمكن لتلك المجموعة من الشباب أن تحقق نجاحاتها في المسرح الغنائي، مثل: بيادر خير، المطرقة، العروسة بهية. وفي عموم المسرح..، أمن قبيل أعمال: المفتش العام، ليالي الحصاد، المفتاح، المهزلة الأرضية. وغير ذلك من أعمال تميزت بجدتها وحيويتها، ولاقت إقبالاً واسعاً من الجمهور.
يحتفل الأخوة في البصرة بواحد من فنانيها، وهو مغترب منذ سنوات، بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية، وبغياب عدد كبير من زملاء مسيرته الفنية، إما بالموت أو الغربة، تشتت أفراد هذه المجموعة التي شكلت إبداعاتها فوق الخشبة، لحناً وشعراً وكتابة وإخراجاً وتمثيلا.
قصي وبشهادة الجميع، فنان مبدع متعدد المواهب، حقق أعمالا لا تزال تذكر في الذاكرة المسرحية العراقية، ولا بد أن نذكر أنه من عائلة عرفت بفن المسرح الجاد، أمثال أخيه الأكبر توفيق البصري.
الاحتفال بقصي جزء من رد الاعتبار للفنانين والأدباء العراقيين الذين اضطروا إلى الهجرة في شتات العالم شرقاً وغرباً، وهو مبدع حقيقي لا تزال الذاكرة الشعبية والفنية تذكره باعتزاز وتقدير.