سياسة وأدب

كثيراً ما يعرف أحد السياسيين بتجربته الأدبية، ونكتشف فجأة الصورة الأخرى لهذا السياسي مثلما فاجأنا الرئيس الجزائري بوتفليقة في محاضرته المطولة والعميقة عن المتنبي في ملتقى البابطين للشعر في الجزائر، وما نعرفه عن سونيكا السياسي والمسرحي الأفريقي، وكذلك ما نكتشفه بين الحين والآخر عن وجوه أدبية مختلفة لرؤساء فرنسا.

ولا أخفيكم سراً أنني قرأت النتاجات الأدبية للراحل السعودي غازي القصيبي، ولكني كعادتي أقوم بين الحين والآخر لأعيد قراءة ما قرأت.

وقبل أيام قررت أن أعيد قراءة غازي القصيبي وذهلت وأنا أعيش أياماً بين روائعه الروائية والشعرية التي أنستني دوره السياسي والاجتماعي، سفيرا لبلاده ووزيرا لعدة قطاعات وفي مناصب قيادية أخرى، إلا أنني تأسفت كثيراً فطيلة حياة القصيبي المتميزة كنا ننظر إليه، إما كوزير أو مسؤول كبير وليس كروائي، لأن دوره المتميز في السياسة والإدارة القيادية أنسانا دوره الأدبي ونتاجه الأبداعي.

هكذا أحياناً تأخذنا الحياة بسرعتها لتحجب عنا وجوهاً أخرى للعديد ممن نعرفهم، ويظل الوجه الذي يعيشونه يومياً هو الثابت لدينا والأبرز.

نجد أن السياسة غطت على الوجه الأدبي للقصيبي، فلم يعرفه معظم الناس إلا سفيراً أو وزيراً، ولكن حينما زال هذا الجانب بذهاب جسده، بقي الأصل وهو الروح الأدبية عالية التأثير والجودة عند الراحل، وهكذا تجدني مأخوذا وأنا أعيد قراءة إنجازه الأدبي، وأتحسر كوننا نسينا هذا الوجه الأكثر بقاء وخلوداً وأهمية.

غازي القصيبي أديب متوهج، غير أن هذا الوجه ظل مختفياً وراء السحب، وما أن انقشعت حتى بان وجهه الأكثر بقاءً وتوهجاً وحضوراً، رغم الغياب.

الأكثر مشاركة