لكل الشعوب ثقافاتها المختلفة، ومن ضمنها ثقافة الأكل، التي هي واحدة من هذه الثقافات الهامة جداً، فلكل شعب ثقافة خاصة في طبيعة الطعام الذي يتناوله، وطبيعة طبخه، فمثلاً المناطق الصحراوية التي تكثر فيها الجِمال فإن البدو يفضلون لحوم الإبل وحليبها، ويتفننون في طبخ تلك اللحوم.

أما المناطق التي تحيطها البحار والأنهار، فيفضل الناس فيها الأسماك والأحياء البحرية، ويتفننون بتحضيرها وطبخها. وبالنسبة لدولة الإمارات فتعتمد في ثقافة الأكل فيها على عنصرين أساسيين: الأحياء البحرية، وفي مقدمتها أنواع الأسماك، وهناك أيضاً ثقافة الطعام الخاصة بالبيئة الصحراوية ضمنها والتي يكون الاعتماد فيها على لحوم الجِمال.

أما الهند، مثلاً، فاعتمادها على اللحوم المختلفة في مصادرها، كالأبقار والأغنام والدجاج والأسماك، ويتفننون في إعدادها مع الرز أو الصالونة أو بأشكال أخرى، إلا أن هذه المائدة الهندية تتميز بأنواع البهارات المختلفة، رائحة وطعماً وشكلاً، لأن الهند مشهورة بزراعة أنواع البهارات، وهي المصدر الأساسي لكل البهارات في العالم، وكذلك فهي مصدر رئيسي لأفضل أنواع الرز في العالم أيضاً، وأنواع المخللات التي تعتمد على البيئة الزراعية أيضاً.

مثل: الليمون والمانغو والثوم والفلفل والخيار الصغير والبصل الصغير جداً، وعدد كبير من النباتات التي تدخل في فنون تصنيع المخللات الهندية، والتي يعرفها أهل الخليج العربي على اختلاف أقطارهم لامتداد العلاقة مع الهند لمئات السنين، ويمتد هذا التأثير وهذه العلاقة إلى البصرة في جنوب العراق التي تتطابق بيئتها وخصوصيتها في هذا الشأن مع بيئة الخليج العربي وتأثيرات فنون الطبخ الهندي.

في أوروبا، وبحكم الجو البارد جداً والبيئة المختلفة، فإن ثقافة الغذاء الأوروبي تختلف كلياً عن طبيعة الغذاء الآسيوي، فأوروبا لا تزرع الرز وتكثر من زراعة البطاطا، وبالتالي تتشكل معظم الأطباق من اللحوم المختلفة، والبطاطا أو بعض أنواع الفاكهة.

كما أن شعوب أميركا تجمع بين الغذاء التقليدي للسكان الأصليين والسكان الذين جاؤوا من أوروبا أو من مناطق أخرى، فيتنوع الغذاء وتتشكل أنواعه.

وفي معظم الأقطار العربية، كسوريا والعراق ومصر مثلاً، تأثر الناس بالمائدة التركية بفعل الفترة الطويلة التي عاشوا فيها واختلطوا خلالها مع الأتراك في زمن سيطرة العثمانيين.