في ذاكرتنا الحية، ثمة أشخاص، حينما نفكر بهم على بساطتهم، نجدهم بشراً غير عاديين، ونميزهم فوق مستوى فهمنا لهم. على سبيل المثال، وأنا أشحذ الذاكرة، تذكرت الراحل خادم سرور، هذا الرجل العصامي، صاحب التجربة الحية والتصميم والإرادة غير المحدودة.
تبدأ سيرته مع فرقة دبي للفنون الشعبية، بعد أن جمعهم في مقر أول جمعية للفنون الشعبية، واستقطب الشواب والشباب في آن واحد، ولأن أهل الفريج يحترمون خادم ويحبونه، ولأنه رجل طيب وصادق، فقد استجاب له الجميع، بما فيهم الفتيات الشابات اللاتي لم يعترض أهاليهن على انتسابهن للجمعية، ما دمن تحت خيمة خادم سرور.
تجمع حوله شباب يعشقون المسرح: سعيد عبد العزيز وعادل إبراهيم وأحمد الأنصاري ومحمد سعيد وسميرة أحمد.. وغيرهم، وبهم شكل نواة مسرح دبي الشعبي، غير أن طموحه لم يتحدد بهاتين الفرقتين، إنما كان يحلم ببناء مسرح لهم، لذا، تعهد المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وكان خادم مقرباً منه، بمساعدته، وسرعان ما وافق على تحقيق هذا الحلم، ومنحه قطعة أرض في الممزر، إلا أن خادم اعترض على المكان، لأنه في تلك الفترة يعتبر في أطراف دبي، إلا أن المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، له رؤيته الاستشرافية، إذ قال له: يا خادم، لا تنظر إلى المكان اليوم، بل بعد عشر سنوات، وسيكون في قلب دبي.
وبدأ خادم يبني المسرح، الذي ما زال شاهداً على طموحاته، ونما مسرح دبي الشعبي، وحقق إنجازات كبيرة في تاريخ مسرح الإمارات، وقدم خادم لمسرح الإمارات فنانة كبيرة، هي سميرة أحمد، شمخت على خشبة المسرح، وحققت إنجازات عديدة، بل وحصلت على جوائز عربية عديدة، لا أحد ينكر قامتها ولا قدرتها، وكان خادم سرور خلف ارتباطها بالمسرح، بعد رفض عائلتها عملها فيه، إلا أن إصرار خادم ووقوفه إلى جانب سميرة، جعلها تستطيع أن تتجاوز كل الصعاب والمعوقات، لتصبح فنانة مسرحية بتميز. وهذه ليست الحكاية الوحيدة مع مسرح دبي الشعبي وأعضائه، إذ كان معلمهم ومربيهم ومرشدهم. ولكل واحد منهم حكاية طريفة.