ما من صحيفة أو مجلة تصدر دون أن تكون لها صفحة للكاريكاتير، إذ أصبح هذا الفن جزءاً من شخصية كل جريدة أو مطبوعة إعلامية.
الكاريكاتير فن راقٍ، ولغة عالمية خطيرة لعلها أقوى من الكلمة، والمؤثر منها يهز كيانات دول، لذلك نجد أن إسرائيل اغتالت ناجي العلي، الفلسطيني المبدع الذي اتخذ من ريشته سلاحاً يحارب به الاحتلال الصهيوني. والكاريكاتير فن قديم جداً، ظهر عند البابليين والفراعنة وقبل ذلك كان في الكهوف عند الإنسان البدائي، ثم استخدمه الرومان والألمان في مطلع القرن الـ16. ثم انتقل إلى هولندا وإنجلترا وفرنسا، إذ شجعته الثورة الفرنسية، وهو ليس فقط فن الإضحاك، وإنما فن السخرية من الطرف الآخر.
عربياً تجلى مع يعقوب صروف عام 1876 الذي سخر من نظام حكم الخديوي إسماعيل حينذاك، ثم أصدر عبد الله النديم جريدة (التنكيت والتبكيت) عام 1881. وفي مصر أيضاً، بدأت النهضة المعاصرة للكاريكاتير مع الرسام الإسباني سانتوس وخليفته صاروخان ثم رخا، وقد فتح الباب أمام عدد كبير من الرسامين، منهم: عبد السميع، طوغان، صلاح جاهين، زهدي العدوي، بهجت، إيهاب، حجازي، اللباد، البهجوري، رجائي، ونيس، حاكم الليثي، مصطفى حسين جمعة، العزماوي، ماهر داوود، يحيى حجي، وعمرو فهمي.
أما في لبنان، فبدأ الفن مع مجلة «الدبور»، وفي سوريا مع (حط بالخرج). كذلك أصدر حبيب كحالة مجلته الساخرة (المضحك المبكي) 1929. وبرز في عصرنا الحاضر علي فرزات الذي أصبح عالمياً، وقد ظهر اسمه ضمن أهم مئة فنان مؤثر في العالم، وخصص له موقع وتعريف شامل مهم في الموسوعة العالمية على شبكة الإنترنت: في «الانسكلوبيديا».
وفي العراق، كان أشهر فناني الكاريكاتير (غازي). وأشهرهم في ليبيا محمد الزواوي، وفي لبنان خليل الأشقر، وفي الكويت كثيرون.. أذكر منهم: أحمد محبوب العامر، أحمد زكريا، عبد السلام مقبول. إلى جانب عدد غير قليل من مبدعي الكاريكاتير.
منذ أن نشأ فن الكاريكاتير وهو فن جماهيري ساخر، بل لاذع جداً في سخريته، وكلما مر الزمان أصبحت الحاجة إلى فن الكاريكاتير أكثر أهمية بازدياد مشاكل وهموم الإنسان، على مدى اتساع الأرض، ولم يقتصر النقد الساخر معه على القضايا السياسية وإنما شمل العلاقات الاجتماعية والإنسانية والوطنية، وهو فن انتقادي مع ابتسامة لا بد أن ترسم على وجه المتأمل لهذه الرسوم. وطبعاً، هذا الفن أيضاً يحتاج إلى الحرية.