لم تكن نخلة البرحي موجودة بين أنواع النخيل تاريخياً، إلا أنه يقال إن أصلها دقلة، أي لا يعرف لها أصل إنما جاءت من النواة، ويطلق عليه في العراق والسعودية «الغيباوي»، ومما يذكر أيضاً أن أول ظهور للبرحي كان في قرية «كوت زيدان» في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وكوت زيدان من قرى منطقة أبو الخصيب على شط العرب جنوب البصرة، وأخذ اسم البرحي نسبة للمنطقة التي ظهر فيها اسم «البراحة» أي الأرض الخالية من المباني، وقد أكد الشيخ عبد القادر باش أعيان هذه المعلومة في دراساته المتعددة، وقد حافظت عليه الحكومات العراقية المتعاقبة في العهد الملكي ومنعت تصديره إلى الخارج.

انتقل البرحي إلى المملكة العربية السعودية بواسطة عبدالله بن محمد البسام، وهو أول من نقل فسائل البرحي إلى القصيم، والقصة طريفة جداً، كما يذكر في معجم بلاد القصيم الجزء الأول، إذ إن عبدالله البسام أخذ فسيلين ولفهما بحصير من الخوص وحملهما على بعير وأخذ بعيراً آخر يحمل ماءً كافياً لسقاية الفسيلين واستغرق السفر من البصرة حتى القصيم حوالي 3 أسابيع، وكان يسقي الفسيل بشكل مستمر، ولمّا وصل عنيزة غرس الفسيلين في مزرعته «المويهرية» ولكن أحد الفسيلين مات ولم يعش في الأرض ونجح الفسيل الآخر، وجميع البرحي في المملكة العربية السعودية جاء من هذا الفسيل، ويضيف صاحب «تحفة المشتاق في أخبار نجد والعراق» ان آل البسام غرسوا في مزرعتهم عام 1905 فسيلاً آخر من نوع السكري جُلب من البصرة أيضاً.

يستمر عطاء نخلة البرحي حوالي 50 عاماً وتعطي النخلة أول إنتاج لها بعد 4 سنوات من غرس الفسيل.

ونخلة البرحي أجمل شكلاً من بقية النخيل وتمتاز بسعفها الأخضر طويل الخوص، وكانت هذه النخلة تشكل غابات تحجب الشمس فيتغزل بدر شاكر السياب بعيون حبيبته فيمثل أهدابها بسعف النخيل فيقول:

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ

أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر..

وبعد أن كان العراق المصدّر الأول للتمر في العالم تراجعت زراعته ومن ثم تصديره، حتى أن الزائر لمدينة البصرة، والذي يرغب بمشاهدة غابات النخيل في مكانها الأصلي التقليدي أي من نهر الخورة بداية الطريق إلى أبي الخصيب وحتى رأس البيشة في الفاو سيجد أراضي قاحلة سبخة لا وجود لآثار النخيل ولا إلى زراعة أخرى إلا ما ندر، وهذه المنطقة كانت الأكثر كثافة للنخيل في التاريخ القديم والحديث، ولولا دولة الإمارات والسعودية لما تم الاحتفاظ بهذه النخلة المباركة.