منحوتات فنلندية تعزف في دبي سيمفونية الثقافات والذكريات

يحتضن غاليري «فيريتي للفن المعاصر» في السركال أفينيو بدبي معرض الفنانة الفنلندية، لورا لابي، تحت عنوان «ميتامورفوسيز»، ويضم المعرض، الذي يستمر حتى 26 أبريل المقبل، أعمالاً متنوعة على درجة من التفرد والروحانية، حيث تتميز بأنماطها الهندسية المعقدة، وبطرق تصنيعها من الخشب المتفحم المعاد تدويره.

وتبدع لورا لابي منحوتات جدارية بإلهام من بيوت العبادة القديمة والكاتدرائيات والهياكل الخشبية الاسكندنافية للعصور الوسطى، مستكشفة الأهمية العميقة لتلك المباني الأثرية وتشكيلها على مدى التاريخ محوراً لحياة المجتمعات، وفق ما أفاد موقع غاليري فيريتي للفن المعاصر.

ويكمن اهتمام الفنانة تحديداً في الجغرافيا النفسية للأماكن، ورصد تأثير الهندسة المعمارية والبيئات المكانية على تصوراتنا، وتركز على التجربة والشحنة العاطفية للأماكن المختلفة، والحدود الفاصلة ما بين الواقع والخيال، وهي تقصد من خلال أعمالها إثارة مشاعر الحيرة والغموض، من خلال استحضار الذكريات التاريخية والشوق، وغيرها من الموضوعات.

الوسيط الأساسي

وأكد موقع غاليري فيريتي للفن المعاصر أن التحول أمر أساسي في ممارسة الفنانة، وهي تحول الخشب من كائن حي إلى مادة مشكلة ومهملة، ومعاد استخدامها ومقطعة ومنظمة، وهذه المادة الخشبية، التي تشكل وسيطها الأساسي على اتصال مباشر بوطنها والعالم الطبيعي، سواء في الغابات والعمارة والأثاث، كما كمصدر للحرارة خلال المواسم المظلمة الممتدة في فنلندا.

وعندما تعمل الفنانة على أي من منحوتاتها الجدارية تضع في البداية مخططاً تاريخياً، فتعمل بداية على استكشاف موقع حقيقي بالبحث في تاريخه وجغرافيته، ثم تعمد إلى إنشاء منحوتات وتركيبات خاصة بالموقع باستخدام التصوير الفوتوغرافي والفيديو كوسيلة لتوثيقها.

تبدو أعمالها طبقات من قطع الخشب ذات الأنماط الهندسية المعقدة المتحدة عضوياً، وقد استخدمت تقنية التفحم بالنار بإيحاء من فن ياكيسوغي الياباني القديم لحماية الخشب، وإضافة العمق، حيث تعمل الأسطح الداكنة والناعمة والمنقرة على توحيد الأشكال الهندسية، فنرى تقاطعاً بين المضلعات الخماسية والمثلثات والدوائر غير المنتظمة بطرق تعطي المنحوتات طابع التكامل الهيكلي، مع إيجاد إيقاع بصري منوّم.

وينجم عن هذه العملية التحويلية ملمس مميز أسود عميق وجميل، يعكس الضوء ويمتصه صانعاً سيمفونية من الأشكال الهندسية، تضفي السلامة الهيكلية على المنحوتات، بينما تعكس قوة المادة المتفحمة مرور الوقت والاضمحلال والذكرى، حيث يتجلى الشعور بالخسارة والهجر.

ويفيد موقع غاليري أن النار ترمز إلى طبيعة مزدوجة، التدمير والتطهير، بينما يجسد الخشب جوهر الطبيعة، ويدفع هذا الاتحاد متعدد الأوجه إلى التأمل في التحول المستمر والطبيعة الدورية للوجود مذكراً بقدرتنا على التحول، وعلى النهوض من الرماد، دون إغفال الجمال الدائم.

ويلعب الضوء دوراً محورياً في أعمالها رابطاً الهندسة المعمارية والفضاء بشكل غير ملموس بالزمن، ودورات الطبيعة، ومستكشفاً تغير الضوء وتأثيره على إدراكنا للأشكال الخشبية، ومتجاوزاً حدود العالم المادي، ومولداً تفاعلات آسرة بين الظلال والإضاءة، ناقلاً إيانا إلى مساحة روحية تذكرنا بالهياكل المعمارية، التي تشكل مصدر إلهامها.

الأكثر مشاركة