«شارك تانك دبي».. رافعة إبداعية اقتصادية تثري التنمية الثقافية

أبعاد ومضامين فكرية مجتمعية مسكونة بروح المسؤولية والتركيز على تمكين الشباب وتحفيزهم وإلهامهم، ينطوي عليها برنامج «شارك تانك دبي»، الذي يعرض على شاشة تلفزيون دبي، إذ يغتني بجرعات ترفيهية واقتصادية وفكرية ومعرفية بناءة، ويحمل رسالة فريدة من نوعها تجسد حقيقة توجهات تلفزيون دبي، و«دبي للإعلام» بوجه عام، في الحرص على تقديم نتاجات إعلامية ومعرفية تتسم بجاذبية قوالبها ومدارسها، وكذا بثراء وإيجابية غاياتها وتميزها بالمضمون النوعي المسؤول الذي يتصدى لطوفان النتاجات الرقمية غير المجدية، ويعزز مدارك ووعي الشباب في مجالات ريادة الأعمال وثقافة النجاح، من خلال تقديم وتبني نماذج اقتصادية ناشئة مؤهلة للمشاركة في مسارات النهوض بركب التنمية ضمن مجتمعاتها.

معارف وإلهام

يعكس «شارك تانك دبي» مناخ الأعمال في دبي، ويبرهن بفضل ما يشتمل عليه ويحمله من رؤى أنه أكثر من برنامج اقتصادي متخصص بالرواد وأصحاب الشركات الناشئة والتوجهات الاستثمارية، ففور متابعة مجرياته وتفحص مراميه وتفاصيل فقرات حلقاته، يتثبت المشاهد من كونه معرفياً وثقافياً في أعماقه عبر إرشاداته المنسابة في توليفات أخاذة تستقطب انتباه رواد الأعمال الشباب، فتجعلهم يستشعرون قيمة النجاح والتجريب وضرورة المحاولة والتسلح بالإصرار والتفكير المدروس الممنهج.

وعلى هذا الأساس، يبدو «شارك تانك دبي» برنامج معارف وإلهام يهدي شبابنا العربي أبجديات النجاح الحياتي والمهني الاستثماري، ويعلّمهم كيفيات كسب التحدي وخوض المغامرة وتجسيد الأفكار واقعاً مهنياً ناجحاً.

مشاهدات عالية

إن تلك السمات والركائز، بجانب نسب مشاهدات «شارك تانك دبي» العالية على شاشة التلفزيون، جعلت البرنامج جديراً بتحقيق انتشار وشعبية واسعين ضمن الفضاءات الرقمية، حيث أصبح يبرز ويروج بتنامٍ وتأثير مشهودين في هذه العوالم، لما ينطوي عليه من نصائح وعِبر وجرعات معرفية وترفيهية ملهمة، ولما يختزنه من تجارب وخبرات وروح تحدٍ ومغامرة وإصرار، علاوة على منحه الجميع في السياق، والشباب خاصة، دروساً في ثقافة النجاح والقدرة على تخطي الصعاب في مشروعاتهم وخياراتهم الحياتية شتى.

لا مستحيل

ليس خافياً أن «شارك تانك دبي» يمثل نموذجاً متميزاً لنوعية البرامج التي تتمحور حول ريادة الأعمال وتفتح آفاقاً أوسع لفئة الشباب، خاصة بفضل ما يضمه من محاور ثرية شائقة تحفز شغف المتابعين وتجعلهم مأخوذين بمشهديات مضامينه وحلقاته الغنية بالدروس والقصص اللافتة الحافلة بحكايات شباب وأزواج وأصدقاء وشركاء تقودهم الجرأة والطموحات لخوض غمار التجارب الاستثمارية، مقتدين بثقافة مكينة متجذرة في دبي كدستور حياة، مفادها: لا مستحيل.. ولكل مجتهد نصيب.

ففي عوالم وفقرات حلقات برنامج «شارك تانك دبي»، نتعرف في كل أسبوع إلى رواية جديدة مع كل متسابق، تشعرنا وتنبئنا بتصميم وقدرة هؤلاء على ترجمة أفكارهم وأحلامهم التجارية واقعاً مشهوداً، بينما هم يؤمنون بذواتهم ومهاراتهم ويحرصون على توظيفها بشكل خلاق يغتنم ويستثمر واقع الفرص وبيئات العمل والإبداع المثالية المتوافرة في دبي، خاصة وأنهم يجدون أنفسهم مملوئين بالترقب والحماس عند رؤية لجنة التحكيم التي لا تنفك ترسم البسمة على وجوه مستثمرين في بدايات مشوارهم، إثر مفاوضات وتلميحات وتساؤلات ومدارات شد وجذب تتكلل أخيراً بعقد الصفقات وتقديم الدعم.

وفي غمرة تلك المشاهد واللحظات، يتملكنا الإحساس بقيمة وسحر العزيمة والثقة الباديتين في محيا ونظرات الشباب المغامرين، خاصة بعد حصدهم النجاح والفوز ونيل الموافقة على التمويل (جزئياً أو كلياً) من المحكمين، المجربين والخبراء في عالم الاستثمار؛ إذ إن فيصل بلهول، رائد أعمال ومستثمر إماراتي، أسس سابقاً «إثمار كابيتال بارتنرز» وأمانات القابضة، التي تعد واحدة من أكبر شركات الرعاية الصحية والتعليم المتكاملة في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن أميرة سجواني رائدة أعمال إماراتية تشغل منصب العضوة المنتدبة للمبيعات والتطوير في شركة داماك العقارية، إحدى أبرز شركات التطوير العقاري بدولة الإمارات والشرق الأوسط، وهي الشريكة المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة «بريبكو»، وتعد نموذجاً يحتذى في القيادة والنجاح، وقدوة للسيدات اللواتي يرغبن في تحقيق أحلامهن في عالم الأعمال.

وأما إيلي خوري، فهو صاحب خبرة عمرها 30 عاماً في مجال التسويق وعالم الاستثمار، أسس شركة «فيفيوم هولدينج» ويوظف خبرته وعلاقاته للاستثمار في المواهب والأفكار وبناء العلامات التجارية الناجحة.

ويقود يوسف حماد، الشريك الإداري في «بيكو كابيتال»، استراتيجية الشركة والاستثمارات في مجال التكنولوجيا، وشارك في تأسيس شركات في المملكة العربية السعودية والمنطقة. وهناك أخيراً، نور سويد، التي تدير محفظة استثمارية متنوعة من الشركات الناشئة، معظمها في قطاع التكنولوجيا، وأسست شركة «غلوبال فينتشرز»، حيث تستثمر في شركات بالأسواق المحلية والإقليمية، وتساعدها في النمو والامتياز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، واختيرت كواحدة من أفضل 50 امرأة في مجال التكنولوجيا في العالم من قبل مجلة فوربس في عام 2018.

معانٍ وقيم

إن «شارك تانك دبي» مفعم بأجواء الحماس والقوة والأمل، ويحمل منظومة معانٍ وفوائد محورية، على رأسها ترسيخ توجهات وأجندات تمكين المرأة، وتشجيع شاباتنا العربيات على إثبات جدارتهن وبرهنة قدرتهن على العطاء المتميز، علاوة على إحكام تركيز اهتمام الجميع نحو قيمة الاستثمار والربح بالاقتران مع مراعاة قيم الاستدامة وحفظ مقدرات بيئتنا والتمسك بثقافة العطاء والتميز والشراكة.

يستحق هذا البرنامج، بحق، الاحتفاء به، فهو يسرد تفاصيل الروائع الكامنة في روح دبي الحاضرة المبدعة الرائدة، ويبني جيلاً مسؤولاً عالي التأهيل ينهض بمهام التقدم المجتمعي، كما يرسخ ثقافة حب التميز والعمل، ويوقظ مكامن القوة في نفوسنا، ويهدينا درساً جوهرياً بشأن كيفيات التطوير البنيوي وماهيات جعل الاقتصاد والأعمال والاستثمار، دائماً وأبداً، قلب حكايات ومسارات ارتقائنا ونبض مجتمعاتنا وسندها ورافعة تقدمها حين نحسن التعاطي في حقولها وتوظيف ثمارها ومرتكزاتها بأوجه صائبة ومتقنة، ذلك كونها في العمق الركيزة المثالية للتنمية الثقافية والمجتمعية الشاملة، وميكانيزم استراتيجيات الاقتصاد الإبداعي الناجحة.