الذكاء الاصطناعي والفنون في دبي.. تناغم وآفاق مستقبلية واعدة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات الفنون البصرية والتصوير الفوتوغرافي في دبي تطوراً ملحوظاً، كونه يعزز الإبداع ويفتح آفاقاً جديدة أمام الفنانين والمصورين للتعبير عن أفكارهم وإبداعاتهم عبر ممارساتهم الفنية متعددة الوسائط، بهدف استكشاف أفكار جديدة وابتكار أساليب إبداعية تحمل بين طياتها روح الهوية والتقاليد الإماراتية المتوارثة.

وفى السياق يشير الفنان والمهندس عبدالله الملا إلى أن التطورات الثقافية والتقنية في مجال الفنون البصرية في دبي تتيح اليوم للفنانين الإماراتيين والمحليين دمج المورث الثقافي العربي والإماراتي، واستكشاف أفكارهم بشكل أعمق، وتطوير أساليب جديدة للتعبير الفني ضمن تطورات تتجاوز حدود الخيال وتضيف إلى العمل أبعاداً فلسفية وجمالية لا حدود لها، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الأعمال الفنية السابقة وفهم الأساليب والتقنيات المستخدمة، كما يمكن له أيضاً أن يكون شريكاً إبداعياً حقيقياً للفنانين، ما يساعدهم على تحقيق إبداعات تتجاوز التقنيات التقليدية ثم إنشاء أعمال فنية جديدة كلياً ضمن آفاق الصناعات الإبداعية في دولة الإمارات.

تأملات آلية

ويوضح الملا من خلال العمل الفني «تأملات آلية»، الذي يدمج فنون التصوير الفوتوغرافي بتقنيات الذكاء الاصطناعي، أن للخيال مساحة حرة للتعبير عن التطور والازدهار المعرفي والثقافي في دبي من خلال إضافة صورة «رجل آلي» إلى صورة فنية لواحة غناء تحيط بها أشجار النخيل وتحمل أيضاً دلالات من موروثنا حول أهمية ومكانة أشجار النخيل في ثقافتنا، عبر تحسين التباين وتعديل الألوان وتقديم تأثيرات بصرية مذهلة تضيف قيمة إبداعية للصور عبر تحديد العناصر المهمة في الصور وتحسين تركيزها.

زهور الصيف

وأكدت هدى العيثان، مصممة الأعمال ثلاثية الأبعاد والأستاذ المساعد لوسائل الإعلام الرقمية بالجامعة الأمريكية في دبي، أن عملها الأخير سلسلة لوحات «زهور الصيف» يمثل أشكالاً متغيرة للزهور اليابانية بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، تجسد المنظور الفلسفي للعلاقة بين الإنسان والطبيعة، وكيف يتمثل التفاعل بينهما في دوامة من الجمال والتغير، كونها تعكس التحولات الدائمة التي نمر بها نحن البشر، وتذكرنا بأننا جزء لا يتجزأ من الطبيعة، ومن دورة الحياة اللامتناهية، وتوجيه الانتباه إلى جمال الحياة وتناغمها مع الكون ضمن نهج شاعري للتفسيرات المتباينة والانغماس في عوالم فنية ملهمة وفقاً لرؤية المتلقي.

سفن الضباب

ومن وحي الموروث قدم الفنان والمصور الإماراتي الفوتوغرافي موسى الرئيسي العديد من الأعمال والتجارب ذات الصلة بالذكاء لاصطناعي، التي تدور في فلك البيئة ومدينة دبي المعاصرة، وأشهرها على الإطلاق سلسلة أعماله التي جاءت تحت عنوان «خيالات بين ضباب دبي»، حيث يُظهر مشهد جوي للمنحوتة «برواز دبي»، وأخرى لناطحات السحاب في شارع الشيخ زايد والضباب يغشاهما، وتم التقاط الصورة عبر كاميرا التصوير الجوي «الدرون»، وأكد استعانته بتقنيات الذكاء الاصطناعي في أعماله، وتم إضافة صور للسفن تخترق هذا الضباب لإيصال الفكرة التي تربط بين الماضي والحاضر وتجدد ارتباطنا بعاداتنا وموروثنا الحضاري، وتوفير تجارب فنية فريدة.

وعبر فضاءات وعوالم الذكاء الاصطناعي طرح فنان الوسائط المتعددة الإماراتي حمد الشامسي عملاً آخر متخيلاً لشخوص مكونة من ذكر وأنثى، التي ترمز لطبيعة الحياة المزدوجة لسكان الأرض مع سكان مجرة «أندروميدا» أو «المرأة المسلسلة»، وهي أقرب مجرة لنا في الفضاء، وتقع على بعد نحو 2.5 مليون سنة ضوئية من الأرض، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة.

وقال الشامسي: «بواسطة الذكاء الاصطناعي في مجال الفنون الجميلة والتصوير الفوتوغرافي يمكننا إنشاء أعمال تفاعلية ومبتكرة حول العديد من القضايا المجتمعية، وكذلك البحثية، التي تسهم في رفع الوعي العام تجاه التطورات العلمية والتقنية العالمية، كون هذه الأعمال تستجيب لحركة المشاهد أو تعكس مشاعرهم بناءً على تحليل البيانات البصرية. ويجسد هذا التطور الحديث تزاوجاً بين الفن والتكنولوجيا يعزز التفاعل بينهما ويثري الخبرات الإبداعية للفنانين والمصورين في عصر التكنولوجيا الرقمية، وتعتبر رحلة مثيرة وملهمة نحو عالم فني ينبض بالحياة والإبداع بفضل قدرات الذكاء الاصطناعي».

Email