«السراب».. معرض يرصد الممتلكات العامة المهجورة

المعرض يشجع الزوار على تحديد مواقع المباني غير المستخدمة التي يعرفونها | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

عام 1991، أخذ فنان تايواني على عاتقه مسؤولية رصد وتوثيق مئات المباني المهجورة عبر بلاده، رغبةً منه في إلقاء الضوء على ما وُصف بـ«قاعات البعوض» كرمزٍ للهدر والانحلال الحضري، وقد شاركه في مساعيه تلك عددٌ من طلاب «جامعة تايوان الوطنية العادية»، ليجسّدوا في جهودهم التي خرجت إلينا اليوم بعد نحو 33 عاماً نشاطاً شعبياً هدفه الإمعان والتدقيق في الأماكن العامة المهجورة، وقد جرى الكشف عن مخرجاته من خلال معرض ضخم أقيم بمتحف فانكوفر بكندا، وجاء بعنوان: «السراب: الممتلكات العامة المهجورة في تايوان».

بدأت هذه الحكاية البحثية بعد أن بدأ، ياو جوي تشونغ، بتصوير كل مبنىً مهمل يصادفه، مستعيناً بطلابه الذين عادوا لمسقط رأسهم للعثور على مبانٍ مماثلة لتوثيقها.

وبشكل بالغ الذكاء، استثمر ياو عبر المهمة التي أوكلها لهم تمرير رسائل ضمنية مغزاها تعزيز شعورهم بهويتهم، ومساعدتهم على فهم التفاوت الاقتصادي بين المناطق المختلفة.. واليوم بعد مرور قرابة الثلاثة عقود، عُرضَ سجل يضم أكثر من 800 مبنى وسَمَها التايوانيون بـ«حجرات أو قاعات البعوض»؛ كنايةً عن الأرض الخصبة الجاذبة للآفات.

وفقاً لصحيفة «ساوث تشاينا مورننغ بوست»، أوضحت أمينة متحف فانكوفر، دينيس فونغ، أن تلك المباني موجودة حول العالم، وقد عمل متحف فانكوفر مع الطلاب بجامعة كولومبيا البريطانية لتبني نهج ياو في النظر إلى الأماكن العامة المهجورة في فانكوفر.

الفنان ياو، الأستاذ المشارك بقسم الفنون الجميلة، هو ابن فنان ومحامٍ ورسام صيني تقليدي، بيد أنه فضّل انتهاج مسارٍ فني أكثر تحرراً من والده عبر تقديم فنٍ حريص على التحرر من التقليدية وصياغة أشكال جديدة من التعبير الفني. وسبق لياو تمثيل تايوان في بينالي البندقية عام 1997، وتم اختياره أيضاً للمساهمة في العديد من المعارض الدولية الكبرى.

تناول معرض «قاعات البعوض» في فانكوفر مراكز المؤتمرات والمرافق الرياضية والمدارس والمباني العامة الأخرى التي تم بناؤها ما بين السبعينيات والعقد الأول من القرن الـ21 والتي تم هجرها لمجموعة من الأسباب المختلفة؛ فمثلاً، تم إغلاق العديد من المدارس بسبب انخفاض معدل المواليد بشكل مستمر في تايوان.

وعلى مر السنين، طلب ياو مساعدة طلابه في تايبيه لتحديد المباني المرصودة، عبر تصفح المواقع الحكومية مشجعاً إياهم على التواصل مع دوائرهم الخاصة في مدنهم للحصول على معلومات أساسية حولها.

عمق وبصرية

وعن عمق وقوة الفن في نقل رسائل المجتمع، شكّل طلاب ياو جوي تشونغ منظمة نشرت 8 كتب حول تلك المباني وقد أُرسلت جميعاً إلى الحكومة التايوانية ووسائل الإعلام. يقول الفنان التايواني: «عندما أجريت المقابلات الإعلامية، طلبت من الحكومة لإتاحة تلك المباني للاستخدام من قبل المنظمات غير الحكومية والفنانين والأطفال والمسنين وقطاع الرعاية الصحية».

وعلى الجانب البصري، عمد طلاب جامعة كولومبيا البريطانية لإنتاج فيلم وثائقي عن مطعم بالحي الصيني في فانكوفر، دمره حادث حريق عام 2022. وفي استعادة مليئة بالنوستالجيا والاتساق العاطفي، لم يكن المكان مجرد مطعم يقصده السكان منخفضو الدخل، بل أيضاً مقصداً اجتماعياً مليئاً بالذكريات.

ويحرص الفيلم الذي مدته أكثر من 10 دقائق على تثقيف الجمهور حول أهمية المكان وضرورة إعادة فاعليته وظيفياً ومجتمعياً. ومن جهة أخرى، يضم معرض «السراب» خريطة لفانكوفر يتم من خلالها تشجيع الزوار على تحديد مواقع المباني غير المستخدمة التي يعرفونها.

Email